مــــلامـــح أدب الـــمـــقـــاومـــة فـــي الـــغـــنـــاء الـــشـــعـــبـــي الـــعـــيـــطـــة الـــمـــقـــاومـــة نـــمـــوذجـــا / مقال الكاتبة / ميراني الناجي
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تمت مشاركة منشور من قبل Mirani Naji.
مــــيـــرانــــي الــــنـــاجــــي / أســــفــــي ..
مــــلامـــح أدب الـــمـــقـــاومـــة فـــي الـــغـــنـــاء الـــشـــعـــبـــي
*******************************************************************
لقد نجحت السياسة العامة في تغريب المنتوج الغنائي عن بيئته ، وتحويله إلى وسيلة للاسترزاق ، وأضحى فن العيطة " جسدا جنسانيا " ، ونمطا رخيصا يستلهم مواضيعه من فن الكباريه ، ومستنقعات الرداءة الفنية مستهدفا جمهورا " مهيّجا " ، مغيَّب الفكر مختزلا فن العيطة كصورة إيروتيكية ، وليس كبعد ثقافي ، وقد ساهمت وزارة الثقافة في نشر هذه الصورة من خلال الهيمنة على تراث العيطة ، وجعله خاضعا لتوجهاتها الرسمية باختيار عاصمة عبدة ملتقى سنوي لمهرجان موسمي لم يطور العيطة بقدر ما قتلها ، حيث أضحت اختيارا تعسفيا للترويج للسياحة الصيفية التي اختزلت فن العيطة في متعة الجسد وتفاصيله الدقيقة ..
******************************************************************
مــــدخــــل عــــام :
إن التساؤل الذي طرحه سارتر من زاوية الفلسفة له أكثر من معنى ، ماذا بوسع كتاب ما أن يفعله إزاء موت طفل ؟ ..
حقا ، إن " الكتاب " لا يعيد الحياة لهذا الطفل أو غيره ، لأنه عبارة عن مشروع نظري ، لكنه بالمقابل يرسم أمام باقي الأطفال الآخرين معنى الابتسامة والحياة ..
وإذا كان الشاعر لا يملك غير الأفكار والكلمات ، فإنه من منظور هيجل يعتبر من طليعة المجتمع لكونه عنصرا فاعلا بإمكانه تغيير جوهر العالم ..
في ذات السياق صاغ عباس محمود العقاد رؤيته لعمل الشاعر أو الأديب معتبرا إياه بمثابة رائد من رواد حركة التصحيح ، ليس فقط لمقياس الأدب ، وإنما أيضا لمقياس الحياة ، وهذا ما يفسر قناعة أدونيس لوظيفة الشاعر معتبرا إياه عاملا " من عمال الثورة " (1) ..
ارتباط الشعر بالغناء ، إذن ، كارتباط الماء بالهواء . من هذه الزاوية يمكن اعتبار الغناء خطابا يعكس أفقا فكريا ما ، فهو شأنه شأن الكتاب ، ووسيلة لتصحيح مقياس الأدب والحياة باعتباره كتابة جمالية تخاطب الأفق العقلي والوجداني للإنسان ، وفنا شعريا ينبثق من تربة اجتماعية وسياسية معينة ، وبالتالي فهو اختزال لتجربة إنسانية وكل حديث عنه بعيدا عن البيئة التي أفرزته هو مجرد جهل لمنبته ، وتبخيس لقيمته ..
من هنا نختلف مع التقسيم الكلاسيكي للتراث الغنائي الذي يحصره البعض في مجالين ، مجال حضري ، وآخر قروي أو كما يحلو لآخرين تقسيمه إلى محورين " محور الموسيقى العالمة " ، و" محور الموسيقى الشعبية " (2) ..
تقسيم ، من وجهة نظرنا ، غير مقنع ، لأنه يتضمن نوعا من التشويش على التراث الموسيقي المغربي مستعملا توصيفا مضللا يساهم فيه خداع المفهوم ..
فالتصنيف الأول جغرافي ، والثاني نخبوي استعلائي ، والتصنيفان معا سجينا النظريات التقليدية التي كانت تعيش على أحكام القيمة التي عرفها التحليل الأدبي إبان الحرب الباردة ..
فالمنتوج الموسيقي لا يأخذ هويته إلا من خلال تموقعه الاجتماعي ، واختياراته السياسية ، من هذا الموقع بالذات يكون الغناء اختيارا معرفيا وإيديولوجيا يلبي حاجيات الفرد أو الطبقة التي ينتمي إليها ، ومن تم يغدو منظومة اجتماعية وفكرية تنقسم إلى قسمين أساسيين ، قسم " رسمي " ، وآخر " شعبي " ..
لن ندخل هنا في التفاصيل المعروفة ، فالغناء منتوج اجتماعي بلا شك ، يعتمد على محددات معينة ، له خطاب متنوع ، يتدرج عبر السنين ، لكن هذا الخطاب له دوافع ومرتكزات ، محكوم عليه بالصراع ، ويتجدد وينساب وفق شروط اجتماعية محددة ..
وفق هذا التدرج ، هل استطاع الخطاب العيطوي أن يرقى إلى مستوى العصر
أم أنه اندحر و" مات " ، وبالتالي ظل يتكرر ويتشابه مع بعضه البعض حتى بقي بلا معنى ، وبلا حضور ؟ ..
إن ما سنركز عليه هنا سنحدده سلفا في بعض أنماط الخطاب العيطوي المقاوم الذي تحمل عبء المواجهة ضد بنيات مخزنية استبدادية ، وأخرى استعمارية غازية ، خطاب يمكن وصفه ب " العاق " ، لكن هذا التوصيف لا ينبغي أن يحشرنا في مثلث الزاوية الضيقة للفهم التقليداني للمصطلح ، بل هو نوع من التمرد الواعي على قواعد العنف ولعبة السلطة بعيدا عن متاهة خطاب " الطاعة " الذي ساهمت في انتشاره بعض العوامل التاريخية والسياسية ، حيث عملت هذه الأخيرة على تخريب الذوق الفني للجماهير ، وتحييد تراثها الشعبي الأصيل عن قضاياها السياسية والاجتماعية ..
لقد نجحت السياسة العامة في تغريب المنتوج الغنائي عن بيئته ، وتحويله إلى وسيلة للاسترزاق ، وأضحى فن العيطة " جسدا جنسانيا " ، ونمطا رخيصا يستلهم مواضيعه من فن الكباريه ، ومستنقعات الرداءة الفنية مستهدفا جمهورا " مهيّجا " ، مغيَّب الفكر ، مختزلا فن العيطة كصورة إيروتيكية ، وليس كبعد ثقافي ، وقد ساهمت وزارة الثقافة في نشر هذه الصورة من خلال الهيمنة على تراث العيطة ، وجعله خاضعا لتوجهاتها الرسمية باختيار عاصمة عبدة ملتقى سنوي لمهرجان موسمي لم يطور العيطة بقدر ما قتلها ، حيث أضحت اختيارا تعسفيا للترويج للسياحة الصيفية التي اختزلت فن العيطة في متعة الجسد وتفاصيله الدقيقة ..
من هذا المنظور ، إذن ، أضحت العيطة في نظر البعض مجرد خطاب إيروسي ، أضحت معه " الشيخة " في ذهن عامة الجمهور مجرد صورة نمطية لجسد شهواني همه إمتاع الأبصار واستنفار الغرائز ، بينما صنفها تيار تقليداني مسيّس بــ " الخطيئة الفنية " التي تنشر الفواحش ، كما صنف الشيخة أيضا امرأة منحرفة وساقطة لا فرق بينها وبين إبليس ..
تلك صناعة رأي احتاجت إلى وقت طويل ، تنافس فيها تياران لترسيخ المفهوم السالف الذكر من خلال خطابات متنافرة شاركت في تأجيجها بعض " النجوم "
المفبركة التي لا علاقة لها إطلاقا بالعيطة ، ومضامينها المتنوعة ..
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق