وتد الارض / قصة قصيرة / للقاص محمد الدولتلي/ جمهورية مصر العربية ................
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
قصة قصيرة
وتد الأرض
بدأت تنتبه رويدا للأصوات المتداخلة التي تحيط بها ، ما بين تأوه وصراخ وصياح بأوامر .
كلمة تبينتها لها علاقة بها وهي حادثة القطار ، الصور مشوشة وسريعة مضطربة ، كسي الظلام ناظريها إيذانا براحة إجبارية .
إنتبهت علي صوت يدعوها بإسمها منبها حواسها الواحدة تلو الأخري ، صوت عميق جهور بألفاظ واضحة حاسمة ، رائحة عطرية مختلطة برائحة دخان التبغ الفاخر مختلفة عن رائحة المستشفي ، ثم صورة ملابس رسمية تحيط بها معاطف الأطباء وبعض الألبسة الأخري .
إنه أحد المناصب التي تمشي بموكب أو في ركاب موكب ، بدأت تتبين كلماته المغلفة بشئ من الود الذي يصدر من أعلي لمن هو في المقام الأسفل والذي ينتظر الكثير من الشكر والعرفان لمجرد التكرم بالتحدث بهذه الطريقة .
حمدا لله علي سلامتك ، نحن في إنتظار سيدنا المسئول الذي قدم للإطمئنان عليك ومعه الكثير من وسائل الإعلام ، كل هؤلاء تركوا مشاغلهم من أجلك ، فمن الأصول والذوق أن تشكريه وتشكري المنظومة التي صبت جام إهتمامها بك .
بدأت الأصوات تبتعد متحدثة عن نقلها في غرفة أفضل وبتجهيزات تليق بالزيارة المرتقبة مع إبتعاد الخيالات وكسوة الظلام علي عينيها ثانية .
سمعت صوتا في أذنها ، إنتبهت أنه صوت همسات متحدثة بلهجة مغلفة بالحنان والتأثر علي حالها والسخط علي من أفسد وأوصلها لهذا الحال ، وبدأ في إملائها ما يجب أن تقوله بحق المنظومة أمام وسائل الإعلام بكلمات لا تدرك معناها وأدعية تمثيلية قبل أن يختفي سريعا .
ياللسخرية ، موتها أهم من حياتها لهم وهم علي أسطح المشاهد ، كل منهم يستخدم إسمها لحديثه الموجه لمن هم من طينتها ، كل منهم يريدها مجرد طلقة في سلاحه وتنتهي قيمتها ما أن تطلق .
إنقشع كل الظلام فجأة وذاب داخل ذلك الضوء الشديد الواضح ، إنها تلك اللحظة التي تحدث مرة في العمر ، أو بالأحري في نهاية العمر .
إنها اللحظة التي يتضح فيها كل شئ علي حقيقته بوضوح لا يقبل التأويل ، بدات تنظر للمشهد من أعلي كاشفة كل الخبايا ، كل ما هو علي الأسطح مجرد غبار لا وزن له ، تنفضه الرياح وتأتي بغيره .
ونظرت إلي الأرض التي تتمدد لتحتضن جسدها الذي نبت من كل عناصرها وتضمه إلي أسلافها السابقين الذين توحدوا داخل عمقها أوتادا تثبتها فتبني بهم سهولها وجبالها وأوديتها ، وتجمع عناصرها لتبني أوتادا جديدة لتظل قائمة دام الزمان قائما .
الكاتب / محمد الدولتلي
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق