رؤى ...، نص مها سلطان / مصر ...................

 رؤى ...

عازف الكمان ...
هو ... عندما يخطواعلى خشبةِ المَسرح ... مُمسكاً بالكمان والقوّس بيد واحدة ... ويواجه الجمهور ومُريديه ...
يبدوا للوهلةُ الأولى ممشوقُ القوام ... ترتسم على ملامحهِ شبحُ إبتسامة ... تُضئ وجهَهُ ... وينحنى برأسهِ قليلاً تحية للجمهور ...
هى ... تتعلقُ عيناها به ... ترصُد حركاتهُ وسكناتُه ... تعلمُ يقيناً بأنها فى مِحراب الموسيقى ... ستكون فى منأى عن الأرض وساكِنيها ... وأنها تسموا بروحها فى آفاقٍ رحِبة ... فى ملكوت الله ...
ها هو ... يتأهب لخوض غمار الحياه الساكنة فى قلبِ الوتر ...
وهاهى ... تتعلقُ أنفاسَها ... بتلكَ الأوتار ...
هو ... يرفعُ الكمان بيدهِ ... ويجعلها تتكئ مابين كتفهِ ونحرِه ...يستند بذقنهِ عليها ...
يغمضُ عينيهِ بُرهةٌ ... فيُخال الناظرَ إليه ... إنه يتعبد فى قُدُس الأقداس ...أو يتلوا ورِداً وصلاه ...
تنقضى تلك البُرهة ... ويفتحُ عينيهِ ... ويبدأ بتحريكِ القَوّس على الأوتار ...
هى ... تعلمُ يقيناً بأنه يملكُ قلبَ الوتر ... وبأنه سيبدأ فى مُناجاتِه ... وسيعزِفُ أشجى الأنغام ...
هو ... أخذ يُلامسُ الأوتار ... فتصدحُ بالألحان ... التانجو ... رقصةُ الحياه ...
مابين حركاتِ القَوّس ... وبين أصابعهُ ... يبدأ جسدهُ يُحاكى الوتر ... وكأنهُ توحَدَ معهُ ... إنسابت الأنغام طوعاً ... بين يديهِ ... خفقَ قلبُ الوتر ...
تسارعت دقاتَ قلبَهُ ... فهو يعلمُ يقيناً ... بأن الأنغامَ سَكنتهِ ... وبأنه أصبحَ والكمان فى قلبِ الألحان ... يتسارعان ... لينالوا حُظوةُ القُلوبِ والأسماع ... التى تهيمُ عِشقاً لتِلكَ النجوى بين الإحساس والأوتار ...
هى ... تركت لإحساسها العَنان ... ليصل لذُروةُ النشوى ... توحُداً وإحتواء ...
غابت فى تِلكَ الألحان ... لم يبقى لديها غير قلبٌ خافق ... فى عالم سَرمدى ... فاق حدَ الخيالُ والإبهار ... تتملكها تلك الرغبة فى الإحتواء ... لكلِ مابداخلها وبداخل المكان ...
عندما تضُجُ القاعة بالتصفيق ... تعود من خارج حدود الزمان ... فتنظُرُ إليه وترى تلك الإبتسامة والإنحناءة الخفيفة منه للجُمهور ومُريديه ... الذى يَعرِفُ قَدرهُ ويُبادلهُ الثناء ...
هى ... وهو ... يهيمانِ عشقاً بالأوتار ... فى كلِ زمانٍ ومكان ...
9 مارس 2019
مها سلطان
قد تكون صورة ‏‏‏شخص واحد‏، ‏عزف على آلة موسيقية‏‏ و‏منظر داخلي‏‏

تعليقات


  1. تقديرى وشكرى لذاك التوثيق القيم الذى منحتوه لى و لأحرفى وكلماتى ونبض الإحساس والذى أسعدنى كثيرا وترك أثرا طيبا فى نفسى ... لكم ودى وإمتنان حرفى

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لحن الحنين/ نص لينا ناصر / لبنان ..................

من رواد الآرت نوڤو: ألفونس موتشا/ مقال للناقد محمد خصيف / المغرب ,,,,,,,,,,,,,,,,,,

رؤى .../ نص للكاتبة مها سلطان / مصر.............