● خلف الأسوار ●/ نص من رواية / الكاتب سامي السعود / سوريا .............
● خلف الأسوار ●
• لم تكن الحياة مصيبة على كوكب الأرض، والطبيعة البشرية تتعايش وتعيش مع كل المصائب التي هي من صنعنا. والحياة تعايش وعيش، وبما أنني لست مجرما ولم أتقن فن الجريمة والإجرام فالمصائب تلاحقني مثل الخيال وتلازمني باطيافها.
نقاش وحوار دار بيننا تكسرت على اعتابه العديد من الأسئلة.فجأة هبط صمت صاعق تعلثمت الكلمات فيه ونحن نسهب بنظرات العيون،
كلمة خرجت مني بهدف دفعها إلى متابعة الكلام والعودة إلى حديث جرى سابقا فيما بيننا/ قلت: ففي اي شاطئ ترسي مراكبنا/ قالت لقد فهمت مغزى كلامك اتقصد (الزواج ) قلت نعم؟
تبسمت خجلا ووجنتيها أصابهم احمرار انمزج بقطرات الندى. توقفت برهة وقالت: يبدو لي أنت قدري... ولا اعلم ربما اكون انا قدرك. في تلك الليلة القمراء صدمت عندما سمعت ان اخاها معتقل ولا تعلم هل مازال على قيد الحياة فهو مجهولا في الحياة ومجهولا في الموت،
دموعها ذرفت واصابها ذهول ودهشة ترافق مع سكون من الطرفين.
أحداث تسلسلت حمل ثقيل اكهل القلب والروح،
قالت وهي تبكي وتبتسم دعوات ابي الذي يقف متذرعا متوسلا طالبا من الله السلامة والحرية لاخي،
قاطعتها بتمتمات وقلت :انا صدى غير محظوظ وكأننا في هذا الموت ننشد الغفران عن آثام لم نرتكبها.
جرس هاتفي الجوال ايقضني من السبات وتسلل إلى أذني صوت كالنسيم قلت نعم من يتكلم قالت ألو مرحبا استاذ هل أنت نائم واسفة ازعجتك في وقت متأخر ،وعرجت فورا بسؤال (لماذا؟ دائما تكتب عن الموت .)
في الصباح خرجت من البيت والخوف يضرب اطناب قلبي لا يوجد شيئ كل الحكاية فضول اصابني، ربما فضول مهنتي الإعلامية الصحفية المتعبة.
شوارع شبه خالية والأسواق نصفها مغلقة وحركة الناس خفيفة لاتوحي هذه الاجواء الى اجواء الفرحة بليلة العيد،لا اطفال ولا اولاد برفقة اهاليهم يشترون ثياب العيد، حتى في سوق الحميدية لم أشاهد الا القليل من هؤلاء الأطفال.
في إحدى اركان السوق يوجد دكان صديقي احمد انتابني شعور بالسلام والاطمئنان عن صحته واهله جراء هذه الظروف القاسية جدا، استقبلني وعلى وجهه مرسومة علامات الخوف والهلع حزين مكتئب سألني دون تردد كيف تشاهد الوضع وإلى اين ذاهب البلد، قلت ياصديقي ماعليك إلا توجيه سؤالك لأحد المحللين هو يجب على سؤالك وتابعت الحديث قائلا/ الله هو الذي عنده كل الحلول/ تركته وتابعت المسير في شوارع مقفرة الحركة وقليلة من البشر ،فجأة اعترضت طريقي فتاة تحمل معاني الجمال اضن انها كانت بالعشرينيات من العمر، توقفت وسألتها عن حاجتها لم تجيب قالت انت وحيد لحالك قلت نعم واردفت فورا وانا لحالي وحيدة ، ودون شعور قلت لها أنت تبحثين عن الرفقة او المال ، قالت لو حصلت على الاثنين لا ازعل.
غمست يدي في جيبي الصغير واعطيتها( خمسمائة ليرة )
قبضت الورقة المالية ونظرت بوجهي تقول ماذا افعل بهذا المبلغ، قلت تكفيك طعام اليوم، قالت ارجوك ليس هذا قصدي
قلت اعرف ولكن هكذا هي ظروفي.... قالت وماهي ظروفك ... اجبتها/ أنا لا ادفع المال مقابل جسد امرأة / تبسمت وقالت اين ذاهب أجبت أفتش عن مكان يوجد به طعام فأنا منذ الصباح أشعر بالجوع، قالت هل تطعمني معك وانا جوعانة أيضا، تأملتها مليا لم تكن سوى طفلة مكتملة الأنوثة ولكن أنوثتها مهجورة.
مشيت لحقتني وسرنا في شوارع شبه خالية من البشر كنا تماما مثل أب وابنته، قالت مابك أراك شارد عني ، قلت لها كأنك تشبهين احداهن اعرفها ،ردت مبتسمة وانا كأني أعرفك منذ زمن طويل ولكن لا أتذكر اين وكيف، وبدأت تحدثني عن تفاصيل حياتها وعن والدتها التي تعاني من مرض السرطان، سألتها عن اسمها قالت انا(مروة يااستاذ خريجة كلية الحقوق ) وقالت كما تشاهد إلى ماوصلنا اليه، ولم تتردد بالسؤال عندما قالت وأنت ماهو عملك وشغلك قلت( انا إعلامي وكاتب )قالت عن ماذا تكتب ،تبسمت قبل الإجابة وقلت اكتب كلام فاضي لأشخاص يحبون ان نكذب عليهم بالمقابل يدفعون لي ثمن هذا الكلام.
قالت ربما في الأفلام نشاهد كما هي الحياة دائما في النهاية الخير ينتصر على الشر رغم حقيقية الحياة(الطيبون الرائعون هم المهزومون والبقاء بها للأنذال وحثالة المجتمع. )
قلت لها أزمات نمرق فيها ويصبح النزف داخل الاسوار والأرواح وعلينا ان نتوقع أن القادم أسوء من السيئ، فماذا يبقى لنا في آخر المطاف/ الوجع والألم والموت لا اعرف ربما لايبقى لنا في هذه الحياة الا الحسرة والقهر والقبر.
جرس هاتفي ايقض حواسي عندما
تكلمت(رشا ) واصابني نوع من الغبطة والفرح تغيرت ملامح وجهي وكأنني طير احلق بين السماء والأرض رغم الوحدة...والبرد...والجوع...والخوف... والاعتقال ،كثيرة هي الأشياء المهينة للإنسانية في هذه الحرب القذرة التي لم نذهب إليها بل هي التي أتت إلينا ونحن نتغازل في غرفة واحدة.
قبل دقيقة واحدة دوى انفجار قريب من المكان المتواجد به ومن بعده صوت صاروخ يعبر سماء دمشق وقبل أن ينفجر كان صوت(رشا ) يسري في جسدي وانبرى القمر في آخر الليل،
كم كان جميلا هنا كنا في نفس المكان التقينا أول مرة.
لامكان في جسدي للدموع
فاللرحيل وقت...وللسعادة وقت... للقاء وقت...للحزن وقت...للموت وكل شيئ اوقات...حتى احلامنا البيضاء لاتاتي إلا باوقات.
غيمة سوداء في ليلة ظلماء داهمتني وايقضت افكاري
اخوها شقيقها مازال في المعتقل مكبل من معصميه،
قابع خلف الأسوار يطلب النجاة والحياة..فلا نجاة لاحياة لمن ينادي ولا أمنية موت لاتتحقق.
اسدلت الستارة(مات البطل )
●يتبع........
■الإعلامي الدكتور
سامي السعود
تعليقات
إرسال تعليق