في طريق البحث عن قالب مسرحي عربي >> الحلقة الرابعة " الخلط الشائع " بقلم /حسام الدين مسعد / مصر..........
في طريق البحث عن قالب مسرحي عربي >>
الحلقة الرابعة " الخلط الشائع "
بقلم /حسام الدين مسعد
ورغم أن الأشكال المسرحية التي خرجت الي الشارع كانت في باطنها تحمل إحتجاج على القهر السلطوي والظروف المعيشية القاسية والنقد اللاذع لأنظمة الحكم مما أفقد بعض العروض جمالياتها الفنية فتحولت إلى مظاهرات احتجاجية وهتافيه افقدت العرض المسرحي في الشارع إلى القيمة الفلسفية التي يهدف إلى تحقيقها وهي التثقيف والتبصير.
فنري مثال في الغرب مسرح العصابات (7 )هذا الشكل الاحتجاجي، الذي نشأ عام 1965 على يد سان فرانسيسكو مايم تروب، وبإلهام من كتابات تشي جيفارا، التي تم من خلالها الحصول على تعبير حرب العصابات. وقد اشترك فرانسيسكو في عروض مسرحية في أماكن عامة تلتزم "التغير الاجتماعي السياسي الثوري" وقد هدفت العروض التي تقدمها المجموعة إلى مناهضة حرب فيتنام والرأسمالية، وكانت تتضمن في بعض الأحيان موضوعات عن العري والألفاظ النابية والعزل، والتي كانت صادمة لبعض أفراد الجمهور في ذلك الوقت.
وتهدف هذه العروض عادة إلى لفت الانتباه إلى قضية سياسية أو اجتماعية من خلال الهجاء والاحتجاج والتقنيات المهرجانية. وكان الكثير من هذه العروض نتيجة مباشرة للحركات الاجتماعية الراديكالية في أواخر الستينيات مرورًا بمنتصف السبعينيات من القرن العشرين.
ةيُعرف مسرح العصابات أيضًا باسم عرض العصابات، والذي يرتبط في بعض الأحيان بالمسرح السياسي الدعائي التحريضي الذي انتشر في ثلاثينيات القرن العشرين،
*ومن هنا يتلاحظ لنا ان الشارع في الغرب يختلف عن شارعنا العربي وأيدولوجيات المتلقي العربي تختلف عن أيدولوجيات المتلقي الغربي ومن هذه الملاحظة ينبغي على صناع التجارب خارج العمارة المسرحية أن تسبق تجاربهم دراسات ديموجرافية وسيسيولوجية وسيكولوجية للمتلقي في شارعنا العربي هذه الدراسات هي المدخل الأول للخروج بالعرض المسرحي إلى الشارع بقصد إحداث تفاعل إجتماعي إيجابي مع متلقي هذا العرض وحتي لا تخرج اتهامات لهذا المتلقي بأنه غير مؤهل لاستقبال المسرح في الشارع هذا المكان المادي الطارئ الذي تتم مسرحته أثناء العرض ثم تزول عقب انتهاؤه
والذي يتطلب خصوصية نابعه من إنفلاتاته الجغرافية وطابعه المعماري وطابعه الاجتماعي المكون لأيدولوجيات المتلقي المستهدف
ولذا فإن ممثل العرض المسرحي في الشارع يجب أن يمتلك مهارات فائقة عن تلك التي يمتلكها نظيره الذي يمثل داخل العمارة المسرحية إذ أن طبيعة المكان الممسرح في الشارع تتطلب إلى طاقة فائقة من الممثل في استخدام الصوت والجسد وردة الفعل إضافة الي مهارات التفاعل الاجتماعي الإيجابي واهمها إدارة الحوار مع المتلقي واستيعاب الأخر والمنطقية في طرح الأفكار والديالكتيكية التي تقود إلى معرفة.
*إن الاعتراف بأهمية دور المتلقي كمشارك في بلوغ الغايات الدلالية للعرض هو في ذاته التغيير الذي ننشده من خروج العرض المسرحي إلى الشارع وهذا لن يتأتى لصناع مسرح الشارع إلا بالتفاعل الاجتماعي الإيجابي مع المتلقي ولن يتأتى هذا التفاعل إلا بالدراسات العلمية للمتلقي كي تكون بمثابة تكوين روابط العلاقة الثنائية بين المتلقي وممثل مسرح الشارع فتحدث تفاعل مع قضية العرض
*وعلي سبيل المثال فلقد استخدم بعض صناع مسرح الشارع في فرنسا(
تقنية المسرح الخفي بأن قاموا بإستيقاف السيارات المارة في الشارع وسحبوا التراخيص الخاصة بقائديها فظن الجمهور أنهم من أفراد الشرطة وظل الأمر لبضع دقائق ضجر فيها الجمهور وتعالت اصواتهم بالرفض ليكشف لهم صناع العرض أن ما تعرضوا له خلال دقائق معدودة يتعرض له كل يوم الفلسطيني الذي يعيش تحت سطوة الاحتلال الإسرائيلي .

ومن خلال هذا الموقف الذي تعرض له المتلقي استطاع أن يتجادل ديالكتيكيا مع ما حدث له ويبلغ غاية دلالية من العرض مفادها تغيير وجهة نظره بالنسبة للقضية الفلسطينية وما يتعرض له الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة .
هذا هو مسرح الشارع ببساطة طرحه للقضايا اليومية حتى الاحتجاج فيه لا يأخذ الشكل الهتافي التظاهري إنما يهدف للتبصير والتوعية لهذا المتلقي .
وكان للبرازيلي «اوجوستوبوال» الذي سعي لنشأة مسرح المقهورين والذي أزعم أن عروض مسرح الشارع في العالم قد تأثرت بمنهجه هذا ولذا وجب علينا أن نتحدث عن نبذة مختصرة عن مسرح المقهورين .
•مسرح المقهورين
هو نوع من أنواع المدارس (المسرحية الحديثة) نشأت على يد البرازيلي (اوجوستوبوال) تكتشف هذه المدرسة المسرحية الجوهر الاجتماعي الجمالي الإبداعي الذي يظهر بصورة جديدة وغير مألوفة وعلاقة جديدة تماما بين الجمهور، وبين العرض المسرحي يحاول هذا المسرح في تكوينه الخاص بتأسيس علاقة شراكة جديدة، بين هاتين القاعدتين المسرحيتين بشكل من أشكال الاندماج بين الاثنتين لأجل دفع العمل المسرحي، نحو الحل الاجتماعي الذي يطرحه مسرح المقهورين ألا وهو تغيير الواقع، وليس التماهي معه . كما ينشد المسرح الكلاسيكي. كان اوجوستوبوال يرى في أشكال الفصل المسرحي التي يتأسس عليها الفضاء الجمالي والابداعي للمسرحية التقليدية أكثر من مجرد تقسيم مكاني شكلي، بل هو عزل للناس عن دائرة الفعل، وعن ممارسة (التغيير)، أي بتحويل المتفرج لمتلقي دون اعطائه فرصة ممارسة التأثير المباشر على موضوع العرض المسرحي. و هنا يعمل مسرح المقهورين ويحاول كما يقول بوال أن يكون مرآة تمكن المتفرج أو المتلقي من التدخل لتعديل صوره الحدث لا مجرد النظر إليها - التغيير- و تخلص تجربة بوال الي العمل على بناء صورة للواقع كما يحللها ويراها الجمهور، بترتيبها من جديد وتبديل ما يلزم وكما يحلوا لهم - المقهورين-، فالمقهورين يصورون نفسهم ومشكلاتهم داخل الحل المسرحي الذي يعطونه للعمل المسرحي من هنا سعى بوال إلى إخراج المتفرجين من البقاء على هامش حركة النص إلى حيز الفعل والتأثير الحقيقي من خلال صيغة حلقة نقاش الحل المسرحي أو كما سميت (مسرح المنتدى) التي عززت التشابك بين الممثلين والمتفرجين في إنتاج العرض، فالمسرح برأيه[ هو نحن؛ لأننا جميعا ممثلون، ولأن المسرح ليس بحاجة إلى جمهور ومنصة، بل إلى مؤدٍ ليكون قائما وموجودا] .
أنني اري أن مقولة( بريشت) السابقة كانت سبب رئيسي في عوار الخلط لدي العروض المسرحية التي يتم نعتها بعروض مسرح الشارع بل أن البعض أطلق خطأ على تجربة عبد القادر علوله في الجزائر (مسرح القوال أو السارد في الحلقة) مسمي مسرح شارع وهي تجربة لتوظيف التراث وكسر الهيمنة الغربية للمسرح تأثرت بمنهج الألماني بريشت من التباعدية وكسر الإيهام ونقل التمثيل من المنصة إلى صالة المتفرجين ونستخلص من ذلك :-
••إن ليست كل فرجه في الشارع هي من قبيل مسرح الشارع
••أن اسباب الخلط الشائع التي تعتري عروض مسرح الشارع في عالمنا العربي ترجع للفهم الخاطئ للوظيفة الأساسية لمسرح الشارع هذا فضلا عن الميل الجارف لدي صناع مسرح الشارع بكسر القواعد العلمية تحت مقولة (وضعت القواعد ليكسرها المبدع ) فتتحول العروض من مسرح شارع إلى عروض مسرح في الشارع يمكن أن تقدم داخل العمارة المسرحية ولن نلحظ أي تغيير في التفاعل أو الإداء، ما يؤكد علي غياب المفهوم التعريفي لمسرح الشارع.
••إن الخلط غير المبرر بين المدارس المسرحية والمناهج الخاصة بالإداء التمثيلي أو الخلط بين القوالب المسرحية التراثية من حيث الشكل التي تقدم به أحدث خلط شائع أثر بالسلب علي عروض مسرح الشارع وساعد علي طمث هويته العربية وأصبح الخلط الشائع هو المنهج المفعل في عروض مسرح الشارع .
•••••• لذا وجب علينا ضبط مصطلح «مسرح الشارع» من خلال مفهومه التعريفي والذي سنتعرض له في الحلقة الخامسة من «طريق البحث عن قالب مسرحي عربي»
تعليقات
إرسال تعليق