" الشاعر مندوب العبيدي " في انطلوجيا الشعر العربي وحكمته في صياغة الحرف. الناقد د.عباس الجبوري // إدارة مؤسسة فنون الثقافية العربية / العراق ...........

 " الشاعر مندوب العبيدي "

في انطلوجيا الشعر العربي وحكمته في صياغة الحرف.
الناقد د.عباس الجبوري // إدارة مؤسسة فنون الثقافية العربية
شاعر عراقي ديالي وسيرة ذاتية يفوح منها أريج عطر قداح البرتقال وفي كلماته ندى التجربة الشعرية المميزة
وُلد الأستاذ الشاعر " مندوب العبيدي " كما يقول وفي فمه قصيدة - هذا عنوان مجموعته الرابعة - وهي قيد الطبع في دار الشؤون الثقافية ...
وانه عضو الإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق ،
مسؤول الشؤون الثقافية في اتحاد أدباء وكتاب ديالى ،
شارك في أغلب المهرجانات الشعرية العراقية المهمة وحصل على جوائز عينية ودروع تكريم وشهادات تقدير كثيرة ،نشرت قصائده في أغلب الجرائد العراقية والعربية، وغايتنا من مقتبس سيرته للتعريف به ،لأنه لا يميل إلى الإطراء ...
وهنا لا نمر كالعادة مرور المسافر في قراءة عابرة على منجزه الشعري الفخم ، وإنما تستوقفنا تجربة شعرية مضيئة بفك الحرف والتعرف على اسماء المحطات والخطوط الملونة بألوان مختلفة ابرزت قدرات شاعرنا العراقي في العطاء والتأثير..
إنما هو شاعر من الجيل الثاني ارتقى منصة الإبداع،
علماً ان نظرية التجييل كانت قد حددت أُسساً فنية واعتبارية تسوغ وضع الشاعر ضمن خانة تجييلية بعينها منها ما يتعلق بالزمان من ناحية تاريخ كتابة النتاج الادبي او بالاعتماد على تجربة الشاعر ومقدار نضوجها لاجل تحديد مواكبته لجيل قد يسبقه سنا، وربما ينحو الشاعر ـ في اطار مواكبة الجديد وبحثا عن تطوير لادواته الشعرية ــــ منحى جيل لحقه فيندرج في خانتهم مجايلا لهم .
وهكذا اندرج الشاعر مندوب العبيدي مع كوكبة من شعراء دياليين مرموقين مثل محمد الصيداوي وغزاي درع الطائي " مثالاً لا الحصر" وغيرهم ..
وللوهلة الأولى،نقول أن الشاعر الأستاذ مندوب العبيدي امتلك موهبة الشعر من روح الوطن وهويته ، يعبّر عن حياته وحياة لغته ومجتمعه في لوحات يعني بها العافية للمنتج الأدبي الشعري زمكانياً ..
في الغالب تكون اهتمامات الشعراء بالشعر، ايا كان ، الاهتمام بالمضمون، أو بالشكل او بطول القصيدة أو بميزانها الشعري مضافاً إليها النظرة التكتيكية . وربما تكون انطولوجيا الشعراء هي تقليد في الحياة الادبية هنا، فهي من ناحية تقدم اصوات كل جيل من الشعراء وتُعرَف احيانا بالانطولوجيا الجيلية وتقدم الاسماء اللامعة التي نشرت اعمالا خلال فترة من الزمن المعاصر ،والشاعر" مندوب العبيدي" مثَّل خيارات الشاعر المميز في الصورة العامة لحركة الشعر العراقي وعلاقته بالمجتمع والحياة الثقافية وأنه أشَّر في النهاية الى المسار الأدبي الشعري وإلى الاصوات التي أسهمت في اعماله من خلال مشاركاته في مهرجان " المربد" والمهرجانات الشعرية المتكررة داخل العراق وخارجه تاركاً بصمته المضيئة . مركِّزاً على المختارات الشعرية العمودية الجيلية ، كما استلهم الاصوات القديمة والجديدة
،منتبهاً الى الاصوات التي اكدت تجربتها في الحياة الادبية عبر عقود من العمل والجهد، فالشعر المعاصر لا يمكن الحديث عنه من دون الحديث عن تجربة القامات الشعرية التي أثرت المشهد المتمثلة بجيل الشاعر " مندوب العبيدي " وانه يأخذ بعضها بأعناق بعض، كي يقدِّم تأويلاً فلسفياً لفكرة من أفكار الوجود حولنا في تجربة غنية بانبثاقتها المشرقة في مخيِّلة شاعر ، وما عبر عن خلجاته في هذه القصيدة :
"مرثاة البرتقال "
- - - - - - - - - - - - - - -
ماذا أقولُ بأيِّ حزنٍ ابتدي
بصواعقِ الأخبار ملَّ مُعدّدي
يا يوسفُ الانباءُ لسنَ طوارقاً
إلا الذي بشغافِ قلبكَ تفتدي
سكت الكلامُ وما اللسانُ بناطقٍ
يا غربةَ الأصحابِ لستِ بموعدِ
يغتالُنا أثرُ الغيابِ ونجمُنا
ضوءٌ ترجّل باستراحةِ فرقدِ
سرق الزمانُ ثمينَ ما احتفظت به
هذي القلوبُ بكنزِها المتفرّدِ
وتركتَ للباكين ملءَ كبودِهم
نُدَبَ الحنينِ بحزنِها المتجددِ
فطويتَ قرطاسَ الحياةِ ولم تزل
في متنِهِ حيا لأجيالِ الغدِ
سيطولُ عهدُكَ بالغياب ولا ارى
بُعدا كبُعدِكَ خانني في الموعدِ
أقسى فراقِ أحبتي في غفلةٍ
يا حسرةَ الباكين للظلِّ الندي
وخلا المكانُ وما تزالُ مواضبا
سعيا بظلِّكَ للصحابِ العوَّدِ
ويشاءُ ربُّكَ لا نشاءُ لجهلِنا
فهو الكريمُ لما ارتقيتَ لأجودِ
لأبي يسودَ سيادةٌ وضّاءةٌ
تسمو فتحيا في رحابِ السُّؤددِ
هو نسمةٌ والبرتقالُ شميمُها
نفحا تمرّسَ في الزمانِ السرمدي
فإذا همى حزني فحُزنُ أحبتي
نايٌ تهشّمَ في أصابعِ مُنشدِ
نحنُ اليتامى إذ تغيبُ ولا خُطى
لدروبِ تامرّاءَ أو في المربدِ
إنّا افترضنا للغيابِ مواجعا
وكذاكَ مفجوعٌ هوى في المشهدِ
أرحلت؟ لا ابدا فأنتَ مخلّدٌ
بحضورك الأبهى القريبِ الأبعدِ
يا دولةَ الثمرِ الخضيلِ بشعرِهِ
والبرتقالُ صدى أغانٍ غرّد
هذا وسامُكَ يا رئيسُ بدولةٍ
فلنعمَ فخرُكَ في الوسامِ الأوحدِ
- - - - - - - - - - - - -
ويظهر هنا جليا استخدام البحر الكامل و"الإيحاء والانزياح والتناص الشعري" في فخامة اللغة الشعرية وقوة المفردة ...
اما المدخل الاستنباطي للنص، فهو من الواقع والحقيقة ، وضع شاعرنا في المفردة، المفاهيم والدلالات العقلية والحكمة الفلسفية والأجتماعية والإنسانية ...
لأن قصيدة " مرثاة البرتقال " نوع من الأنطولوجيا،وتعني باقة، تم اختيار زهورها، من المحسوس والملموس لأسباب مختلفة، ليتم فيما بعد حملها وتقديمها هبة وقربانا لأهداف ثقافية مجتمعية بحب شاعر وراية وطن ، لم تبتعد عن المعنى الحقيقي للمفردة التي تغنى بها الشاعر ..ودلنا على حقيقة أن الإبداع لا يولد من الفراغ أبداً. لأنه من الشعراء القلّة في إخراج منجزهم الإبداعي بالمفردة المجسدة للطبيعة والتراث والفلسفة الإنسانية، لأنه منجم عظيم يمكنك أن تأخذ من شموسه المشرقة ما يؤثث النصّ الإبداعي بنور هائل. لذلك نرى الشاعر قد نهل واستفاد من إبداع الجواهري والمتنبي والمعري وغيرهم ، ومن إبداعات المتصوفة العظام ..
ونرى في تماسك الحروف كلها يحاول الشاعر أن يجيب على سؤال الحياة والوطن، والحيرة واليقين، والجمال ، في قصيدة وجدانية تعكس هواجسه الوطنية في احتراقها المتواصل عبر ومضة القلب وصرخة الروح، لكنني حين تأمّلت في الحرف العربي الذي صاغه خلال رحلتة الشعرية وكانها امتدت أكثر من أربعة عقود ولم تزل متواصلة بحمد الله، وجدت أنّ الشاعر وظَّف الحرف العربي بما يمكن تسميته بالمستويات" التشكيلي، القناعي، الدلالي، الترميزي، التراثي، الروحي، الجمالي، الطلسمي، الإيقاعي" هكذا ، معبراً عن كتابة قصائده الحروفية التي اتخذت الحرف قناعاً وكاشفاً للقناع، وأداةً وكاشفةً للأداة، ولغةً خاصةً ذات رموز ودلالات وإشارات تبزغ بنفسها وتبزغ باللغة ذاتها بإسلوب فلسفي بديع ... عِبر هذا كلّه أخلص للحرف منذ سنين حتى أصبح قَدَراً يلازمه.
الشاعر " مندوب العبيدي " اسرج راحلته الشعرية بمجموعات شعرية أنيقة:
١.حصاد السراب
٢. فروض الوجع الممنوع
٣. بيدر حقلي ممتلئ بك
٤. وُلدتُ وفي فمي قصيدة وهو قيد الطبع في دار الشؤون الثقافية ...
بذلك عبر عن الهوية بشرطها
بحداثة العنونة ،فالعنوان دال
على أبعاد دلالي أيقوني، لأن
تقنيات اشتغال وتحليل العنوان يحث المتلق على رصد مسارات النص وكاتبه ، لذلك أظهر لنا الشاعر الصور الفنية من محسنات بيانية (التشبيه والاستعارة والكناية) ومحسنات لفظية (الطباق والمقابلة) مما سهل علينا ضرورة تحليل الامثلة التي تعبر عن كل أسلوب وتوضيح مدى قدرة هذه الصور بأن تزين التيار الشعري الذي تنتمي اليه .
كما يأخذنا المسار التحليلي المنهجي في قصيدة " مرثاة البرتقال " التي اختارها من بين قصائده ..إلى الايقاع،
الجانب الموسيقي الذي يمثله (التكرار والجناس والتوازي) وهنا استثمر درسي التكرار والتوازي وتطبيقهما على النص. اما النوع الثاني من الايقاع فهو الايقاع الخارجي ، وشكل من (البحر والقافية والروي) حيث استخرج روي القصيدة وقافيتها من البحر " الكامل" الذي تنتمي اليه في مراعاته خصوصية المدرسة الشعرية بشكل موحد أخضعه للضوابط والقواعد دون تمرد.
ربما يتبادر إلى أذهان البعض كيف تأتي القصيدة..؟، فهي تأتي من أحد طريقين: طريق الحياة؛ حيث نرتطم بمشاهد إنسانية فنتأثر بها وتدعونا إلى تدوينها، أو طريق الفن، حيث نقرأ ونتأثر بما نقرأ فيدعونا إلى منافسته أو إعادة إنتاج الجمال بشكلٍ أرقى... وفي قصيدته الراقية
"صفوة الأسماء في مولد الزهراء" أحدث هزة وجدانية أيمانية لا يجاريها وصف ...!
- - - - - - - - - - - -
"صفوة الأسماء في مولد الزهراء"
ناديتُ فاقتربَ الصدى لندائي
فتزاحمت رؤيايَ عند رجائي
فوقفتُ في بابِ البتولِ مُتمتماً
وتركتُ دنيايَ الغرورَ ورائي
ورجوتُ في سَحَرِ الليالي مخرجاً
فلعلَّهُ ما ينبغي لندائي
فرايتُ ومضةَ نورِها تجتاحُني
وعلمتُ هذا رافدا لدعائي
عطرُ النبوةِ في شذاكِ مُوسَّمٌ
ببتولِهِ في صفوةِ الأسماءِ
أنا جئتُ من أقصايَ تشهقُ أضلُعي
شوقا ليومِ ولادةِ الزهراءِ
حِبِّ النبيِّ وبضعِهِ وجميعِ من
في باحةِ الإيمانِ نبعُ رواءِ
فتوشَّحَ الوادي سَنِيَّ بهائِها
من غُرَّةِ بجبينِها الوضّاءِ
وَسمُ الهدايةِ في جبينِ بتولةٍ
وَلِحُرَّةٍ في هديِها وإماءِ
تلك المُكرَّمةُ الخصالَ بطبعِها
من واهبٍ فأخصَّها بعلاءِ
للهِ أهلٌ في رياضِ نبوَّةٍ
يتسابقونَ بدربِها المعطاءِ
بسليلةِ النسبِ المُضمَّخِ مجدُهُ
بالعزِّ بين تفاخرٍ وإباءِ
حازت خلاصةَ حسبِها من هاشمٍ
بالسيِّدينِ بسيرةٍ عصماءِ
وَلَدتهُما نفحاً بعطرِ نبوَّةٍ
فَتَسيَّدا في الجنةِ الخضراءِ
بنتُ النبيِّ وتلك أكرمُ خصلةٍ
تعلو بها في دارةِ الجوزاءِ
هذا مجازُ الفائزينَ بحبِّهم
ما أسرعوا لمفازةٍ بلقاءِ
من مثلُها ترقى أرومةَ شأنِها
في العالمين َ بمضربٍ وإزاءِ
ما فضَّلَ اللهُ النساءَ بذكرِهِ
إلا وكانت في رفيعِ سماءِ
سُقياكَ يا زوجَ البتولِ بمولدٍ
لمّا يزل في عُهدةِ الأحياءِ
ومعا بداحي الباب تُكرمُ خُلَّةٌ
أن تستظلَّ بسيدِ البُلَغاءِ
فَبِنا بما تهوى النفوسُ تقرُّبا
بمفازةِ السبطينِ والزهراءِ
ويُباركُ اللهُ الرسولَ محمداً
ليضمَّهم في بردةٍ وكساءِ
كانوا مدى سعيِ الزمانِ أمانةً
ومنارةَ التشريعِ والشهداءِ
فمسكتُ بالحبلِ المتينِ وعروةٍ
وُثقى وظلِّ أُباتِها الأمناءِ
يا مولدَ الزهراءِ حسبُكَ خالداً
للمنتمينَ بموسمِ الإحياءِ
هذي الصفيَّةُ من خديجةَ زانها
في يومِ مولِدِها جميلُ ثناءِ
هي وحيُ إيمانٍ وبلسمُ علّةٍ
تسمو بنا في دولةِ الشعراءِ.
في هذه القصيدة وضع الشاعر تمثيليته للقصيدة الشعرية بما يتناسب مع الخطاب الشعري، مبيناً صدق ووضوح مشاعره ومواقفه تجاه موضوع القصيدة أو القضية التي تناقشها. وبيان الحكم على طبيعة موقف الشاعر في القصيدة ملتزماً . تقويماً وعقائدياً بتأريخ تجربتة من خلال النص،ومن خلال مقارنة قصيدة بقصائد أخرى تحمل نفس موضوعها،أو لاتحمله لرؤية مدة التطوير والتجديد في الشعر، وكذلك لمعرفة درجة إفصاحه عن بنية الموضوع
بالرغم من أن القصيدة جددت بعض الشيء في هذا الجانب الحسي ونوعت في الروي والقافية .
ونرى الشاعر مندوب العبيدي
في القصيدة المعاصرة التي تمردت عن القوالب الجاهزة وتحررت من وحدة الروي والقافية والبحور الخليلية نسبة الى الخليل بن احمد الفراهيدي، لم يتخلص من سيطرة البحور الشعرية، لانه
لم يتمرَّد على قيود الزمان والمكان والقواميس، وينطلق عبر الخيال إلى سماءٍ خارج المنطق والفكر المباشر ، وإنما جسد لاقتطاف الوحي من سدرته العالية ،ولكنَّها كسدرة المنتهى دانية القطوف.في انتقالة إلى الشعر الحر ،
فأسهب في تنويع القصيدة بتجديده بعض الشيء في هذا الجانب بمسايرة الحداثة والمعاصرة ،حين يتحفنا العبيدي بقصيدة جميلة مختارة من شعره الحديث هي :
هوامش تحت ظل السياب
- - - - - - - - - - - - -
كانت ومنذ ذلك الزمن
قيثارةَ الخليج
ومنتدى اللؤلؤِ والمحار
ومن صدى حشرجةٍ غريبةٍ تئنُ في النشيج
ماذا جرى ؟
يا زينةَ الشطآنِ والخلجان
يا مدينةَ النخيل
وموطنَ الخليل
وهمسةَ السيابِ عند غفوةِ الأصيل !
قرأتُ في عيونِها ارتعاشةَ الشتاء
ومن جفا ورودِها انكماشةَ الربيع
وحشرجاتِ الناي عند شطّها الجميل
ولو درى بويب بنُفرةِ الأصحاب والأحباب
بكى على محنتِها بوحشةِ المساء وانتفاضةِ الخريف
يا مرفأ النور
ويا دواعيَ السرور
يا أولَ الأمصارِ مذ تفتّحت براعمُ السنين
فهل إلى حنين ؟
يأخذني لآخرِ الحدود
لتربةٍ
تعفّرت من دمنا
من عرق الجنود
هناااااااااااااك
يا قبلةَ من تسوّروا بأولِ الضياء
لآخر المساء
واحتضنوا شط العرب
ويا أبا غيلااااان
ها نبوءةٌ ( أن تُقذفَ المدنُ البعيدةُ والبحارُ إلى العراق)
فهاااااا هنا ( آلاف آلاف الجنود)
تقاطرت
وجيّشت
وعربدت
ولم يعد هناك ( من يملأ السلال بالماء والأسماك والزهر) !!!
وليته انتظر !
حتى يرى بغدادَنا
بصرتَنا
مدائنَ العراق
تسربلت انشودةَ المطر !!!
وهنا يتضح لنا أن القصيدة موزونة وذات ايقاع على بحر من البحور الفراهدية مع تغيير جزئي.وهو تفعيلة البحر البسيط ، ربما اختلف الباحثون في تحديد بواكير هذا الشعر، المهدات الأولى للشعر الحر في الأدب العربي الحديث، وأنه بدأ الخروج على نظام التفعيلة والعروض. وذهب الباحثون بأن أصوله يرجع إلى الموشحات الأندلسية، وقد يكون شاعرنا متاثراً بالشاعر بدرشاكر السياب في المحاولة الجدية في الشعر الحر في اكتشافه قدرة البحر "الكامل" ، وامتاز الشاعر في التحول من البحر الكامل إلى قصيدة الشعر الحر ، كما حاول عدد من الشعراء من قبل، امثال نازك الملائكه ، عبد الوهاب البياتي، سعدي يوسف، كاظم جواد، رشدي العامل ، دوسي النقدي، بلند وصف الحيدري، يوسف الصائغ وخيرا عملاق قرض الشعر العربي الحديث. وأن نازك الملائكة من أوائل من كتب الشعر العربي بشكله الجديد دون خلاف ونزاع. فقد بدأت حركة الشعر الحر في الشعر العربي المعاصر كحركة ذات شكل خاص ونظام خاص سنة 1947م في العراق وزحفت وسادت العالم العربي كله ...
الخاتمة :
للمنجز الشعري العراقي المعاصر تحولات ابرزت نخبة من الشعراء في الساحة الثقافية ،لان هذا المنجز غزير العطاء وعسير الرصد لذلك تبدو عملية التبويب والإحصاء عند ناقد بعينه أو مجموعة نقاد شبه مستحيلة.
وفي الرؤيا النقدية لما قدمه الشاعر الأستاذ مندوب العبيدي ،لم نلج إلى ثغرات في نصوصه، لما في منجزه من تحوط للنقد الشعري في الرؤيا والأساليب لتمكنه من ادواته ، أقول هذا بحيادية، إذ أعتقد أنَّ العلاقة القائمة على الحبّ بين الشاعر والناقد تمنح للناقد الحرية الكاملة للتعبير عن آرائه دون مواربة ولا مجاملة، وهذا ما يجعل النقد يفي بغرضه تمام الوفاء ، مؤكداً اتّباعه وفق
مقياس النقد ، بما وجدناه من
الجدة والابتكار في المعاني الشعرية ومكانتها النقدية المتميزة حين تكون مبتكرة وجديدة وهنا تكمن عبقرية الشاعر وقوة شعره. وليس بالضرورة أن يقدم الشاعر معاني جديدة لم يسبق إليها فهذا شيء صعب المنال ولكن يقدم هذه المعاني بأسلوب تبدو فيه كأنها مبتكرة وجديدة.
فالشاعر عندما يتكلم عن الطبيعة في النفس وتتكلم النفس للحقيقة وتأتي الحقيقة في أظرف أشكالها وأجمل معارضها، أي في البيان الذي تصنعه هذه النفس الملهَمة حين تتلقَّى النور من كل ما حولها وتعكسه في صناعة نورانية متموِّجة بالألوان في المعاني والكلمات والأنغام ، هي مجال الاستحقاق والبحث،
مضافًا إليه الإنسانية العالية، وبهذا تنطوي نفسه على الوجود فتخرج الأشياء في خِلْقة جميلة من معانيها وتصبح هذه النفس خليقة أخرى لكل معنًى داخَلَها أوما اتَّصَل بها، ومن ثَمَّ فلا ريب أن نفس الشاعر العظيم تكاد تكون حاسة من حواس الكون...شكرا للشاعر الأستاذ مندوب العبيدي على إثراء الساحة الشعرية ومواصلة غديره الثقافي والادبي الذي لا ينضب...
- - - - - - - - - - - - - -
٢
٣ تعليقات
أعجبني
تعليق
مشاركة

٣ تعليقات

كل التعليقات


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لحن الحنين/ نص لينا ناصر / لبنان ..................

من رواد الآرت نوڤو: ألفونس موتشا/ مقال للناقد محمد خصيف / المغرب ,,,,,,,,,,,,,,,,,,

رؤى .../ نص للكاتبة مها سلطان / مصر.............