دراسة نقدية في نص الشاعر سليمان احمد العوجة / صليب بلا قضية / للناقدة ميلو عبيد / سوريا ..........
دراستي لنص الشاعر سليمان احمد العوجي صليب بلا قضية
ساورد النص اولا ومن ثم تتبعه الدراسة
النص:
---------------------
كئيباً كقصرٍ بلا أعمدةِ سيادةٍ..
تترجلُ عنْ فرحكَ..
تمشي كموتٍ واثقٍ من نفسهِ..
هازئاً بانتباهِ الألغامِ وكيدِ النساءِ..
زهيداً كنصٍ مثقوبِ النعلِ
في شتاءِ المعاني..
تطوفُ بصغارِ أبجديتكَ على مرضعاتٍ يرشحُ الأسى من خوابي صدورهنَّ..
على بُعْدٍ فرسخٍ مِنَ الندمِ
خائباً تعودُ كنردٍ رماهُ ملكُ النَّحسِ على رقعةِ الخساراتِ..
وحيداً..وحيداً..
وكلُّ الشوارعِ المفضيةِ إلى قلقكَ تزدحمُ بأقدامِ اليائسينَ والمتسولينَ والمنادينَ على بضائعَ كاسدةٍ....
عفيفاً..
فمائدةُ الهدوءِ لا تغري جوعَكَ بكثرةِ الأطباقِ الفارغةِ
تزجركَ الدروبُ كآثمٍ فضحتهُ رائحةُ الذنوبِ..
دمعةٌ حيرى أنتَ في عينِ
الوداعِ..
يَرْفونَ عطشكَ بخيوطِ التَّبرير الواهيةِ..
وكلَّما عوى ذئبُ الألمِ رموهُ بعظمةٍ من ذبيحةِ التسويفِ..
تخافُ على ظلكَ إنْ سقطَ جدارُ الشمسِ ونكثَ الضياءُ بالوعدِ...
مِنْ دهرٍ وأنتَ تُحيكُ لخيالكَ سراويلاً تسترُ بها عورةَ الفكرةِ..
ويدكَ على فمِ سؤالٍ مشاكسٍ يراهنُ على إغضابِ اليقينِ..
مِنْ دهرٍ وأنتَ على سريرِ الدِّعةِ مستغرقٌ في تنقيةِ حنطةِ طالعكَ من زيوانِ النوايا..
حتى زَنَتْ الحربُ بأهلكَ وأنتَ معصوبُ العينينِ بقماطِ الغفلةِ..
جدرانُ عُمرِكَ مَعارِضٌ للبؤسِ تُزيِّنُها لوحاتُ الحسراتِ...
يومَ صرختَ بأعلى قلبكَ
( إني أحبه) ..
تاهَ الوطنُ عن القطيعِ فأحسنَ كبيرُ الذئابِ وفادتهُ
تراشقَ العبيدُ بالرأيِّ والرأيِّ الآخرَ ..
فكسروا زجاجَ حريتكَ..
يارجل أما قلتَ لي:
أنَّ كلَّ صليبٍ لايحملُ قضيةً هو أداةُ انتحارٍ
يارجل ألستَ القائلُ:
كلُّ فكرةٍ لاتنتشلُ غريقاً هي محضُ أسنانٍ لبنيةٍ في فكِّ الحقيقةِ....
باكراً تَجِيءُ أسراباً كلُّ الحمائمِ لتحضرَ جنازاتِ الهديلِ..
باكراً سيكسرونَ بابي ويستدعوني للتحقيقِ أنا وكلّ مَنْ وردَ اسمهُ في هذا النص..
ستختفي أسماؤنا
وسيعثرونَ على كنيتي مرميةً على قارعةِ دفترِ العائلةِ..
وسيغرقُ الجميعُ في الظلامِ
فأولادُنا غادروا اللَّوحةَ قبلَ أنْ يُكْمِلوا رسمَ الشَّمسِ..
ستنقلبُ حافلةُ الحريقِ
وتنجو النَّارُ بإعجوبةٍ
وستظلُّ وجوهنا تعتني بتربيةِ أحزانِها..
ونبقى حرشاً سائباً ينصبُ فخاخَ العطشِ للماءِ المخاتلِ يحرسهُ صبَّارٌ مشغولٌ بمناقشةِ قضايا الصبّرِ.
---------
الدراسة :
صليب بلا قضية
_ البنية النحوية:
في الجملة انزياح تركيبي / قيام الكاتب بحذف المبتدأ
صليب : خبر لمبتدأ محذوف جوازا تقديره
ضمير مستتر / لاحقا سوف نحدد هويته، رغم ان الكاتب غير مضطر لذلك، وقد خصته الجملة بعده ( بلا قضية ) بصفة
بلا قضية : الجار والمجرور متعلقان بالضمير المستتر (.... ) يعود على الخبر.
قراءة الدلالة التحتانية لهذه البنية تخلص إلى :الحضور القوي والطاغي لإسم النكرة في سياق هذه الجملة ( صليب، قضية) مدعومة بنفي ( لا)، والتي بمجملها وقعت في سياق الإخبار / حضور طاغ للخبر، ومبتدأ محذوف بدون مسوغ يدفعنا للتساؤل عن ذلك الـ (...) المسحوق او لنقل المحكوم عليه
مما سبق يمكن للعنوان ان يزودنا بأمر وهو البحث عن المخبوء او المتوارى خلف الكلام الظاهر.
_ البنية الدلالية :
الإشارة (صليب) : دالة اسمية مفردة جمعها صُلْبَانٌ
مدلوله اللغوي المعجمي :
يقال رَجُلٌ صَلِيبٌ اي عنيد ويقال : هو صَلِيبُ العود اي شديدٌ قويٌ
مدلوله الإصطلاحي : الرَجُلُ : الفتى الذي تجاوز ردحا من العمر /عركته الحياة، رجل الساعة.
والإشارة احالية خارجية / مثيولوجيا مسيحية، معناه : صَلِيبٌ ( في الفكر المسيحي) الخشبة االمقدسة التي صلب المسيح عليها افتداء للبشرية وهؤ عبارة عن خشبة عمودية منتصبة قائمة، اعترضت طريقها قريب من راسها، خشبة افقية / تصارع وتضارب
وهي احالية خارجية / جيوسياسية.. اجتماعية مجتمعية ، معناها : الصليب الأحمر : وهو منظمة دولية ( إغاثية) معترف بها عالميا تُعنى بالقضايا الإنسانية / حقوق. صحة. عدالة.... الخ.
المقاربة الدلالية للمعاني السابقة : معترك الحياة.
والمقصود من جعل هذه الإشارة ( صليب) تتصدر الجملة /الخبر المسند لمبتدأ محذوف جوازا، وجعلها دلالة لافتة ( معترك الحياة)، تدور حولها الكثير من المعاني في النص إنما ذلك ليدفع بالقاريء إلى البحث والتفتيش عن العناصر المحذوفة او المخبوءة / المستترة، تحت السطح الخارجي للنص... وهذا يدل على متانة اسلوب الكاتب التعبيرية وتأثيرها على المتلقي.
أشرت أعلاه إلى أن هذه الإشارة مخصصة بصفة اسمية (بلا قضية + الضمير المستر.....) وهذه الصفة (قطعية مؤكدة / الآن ولاحقا)
الان : مضارعية الأفعال تؤكد حضوريتها... تترجل، تمشي، تطوف، تعود، تزدحم،.... الخ ولاحقا : قوله : باكرا تجيء أسرابا... باكرا سيكسرون بابي ، كلمة باكرا // غدا، إضافة إلى ( سين) التسويف بـ (سيكسرون، سيغرق، سيعثرون، ستنقلب، ستظل...) الدالة على الزمن القادم // غدا ، يعني دوام الحال حتى إشعار آخر فتكون المقاربة مما سبق (معترك الحياة) تعني = دوام الحال اي تجدد هذا المعترك/الصراع، ودواميته
*الإشارة (بلا..) دال حرفي مدلوله اللغوي يفيد النفي : الإقصاء والتهميش والإلغاء والتجريد /لا قضية //لا هدف = ضياع ، ومن مرادفات ما سبق : الـ ( لا عدل لا مساواة) ، وباستحضار المبتدأ / المحذوف (.....) تكون الدلالة : (...) بلا حقوق والمقاربة : (...) مظلووم
وبتكثيف مقاربة معترك الحياة، و اللاعدل واللامساواة، والمظلومية والضياع تصبح المقاربة : (...) انسان ممسوخ
بالنسبة للغة المتن : بمرور سريع على النص نجد انه نص (منولوجي)، الكاتب فيه هو السارد الوحيد يخاطب نفسه رغم ان المقطع الأول من النص يخيل فيه للقاريء انه يخاطب الآخر، المقابل له ( انت) فحضورية الأفعال المضارعة تترجلُ تمشي تطوفُ تعودُ تحيك . الخ + ك المخاطبة فرحك ابجديتك قلقك تزجرك جوعك عطشك ظلك خيالك... الخ خادعت القاريء الى ان يقول :
( بابي، يستدعونني، أنا وكل، كنيتي ... الخ) فهنا ياء الملكية أجْلَتْ الامر ليتبين لنا انه يخاطب نفسه وذاك الآخر هو ذاته، هذا التنقل الجميل والخلط ما بين الأنا و الأنت ، إنما مقصودة ليشرك القاريء معه في الهم اذ حاول وضعه مكانه في ذات الضغط والضياع ( المسخ) اذا من المتن تتضح لنا هوية الضمير المستتر ( المحكوم عليه) في العتبة العنوانية لتصبح المقاربة النهائية :
(...) انسان ممسوخ = (انا) انسان ممسوخ
مع ملاحظة انه في الربع الاخير من النص انتقل الى استخدام الـ ( نا) الدالة على الجماعة ( اسماؤنا، أولادنا، وجوهنا) هذا يدل على انه واحد من كل وان هذه الـ ( أنا) لا عدد لأمثالها بما معناه أنها تمثل فئة او شريحة ما ينتمي إليها الكاتب.
_ البنية الفنية :
في قرائتي التحليلية يتضح ان للنص نظاما بنائيا / إشاراتيا استند على تقنيتين :
_ الإحالات النصية والمقامية الخارجية
_ اعتماد الازاحات الدلالية والرمزية في بنية الخطاب /المعنى التحتاني للنص وقصدية هذا الأسلوب التعبيري : ايصال رسالة / صرخة،احتجاجية ، ثورية .... وأما الدافع فهو الخوف او تحاشي جهة ما لا يروقها فحوى هذه الرسالة، وقد فضح هذا التواري الأسلوب الخبري كما أشرت أعلاه في بنية العنوان النحوية والدلالية، لذلك نرى انه في لغة النص الفنية قد اكثر من الإشارات ذات الإحالات المقامية السياق (الخارجية)
ً"اعمدة سيادة، موت واثق، نص مثقوب. مائدة الهدوء، رائحة الذنوب، ذبيحة التسويف، عورة الفكرة، حنطة طالعك، زيوان النوايا، قماط الغفلة، لوحات الحسرات، زجاج حريتك، جنازات الهديل، حافلة الحريق، فخاخ العطش" .... الخ /سأكتفي بهذا القدر
وقد جاءت جميعها متعالقة مع باقي الإشارات في سياق عباراتها بصلات معنوية :
( تترجل _ اعمدة ، قصر _ سيادة)
(هازئا _ واثق ، الألغام _ موت)
( زهيدا _ نعل ، نص _ المعاني).... الخ
ولو سبرنا النص بأكمل جمله سنجده متعالقا تعالقا تاما رائعا إلا ماخلا جملة او جملتين ومع ذلك لن تشذا عن السياق العام للمعنى
اذا هذا الترابط الدلالي بين أجزاء العبارات السياقية مع جمالية الصور وضجيجها الدلالي انتج او لنقل بنى دلالية شبكية متسلسلة متينة وفق منهج عقلي وفكري واضح حددت ماهيته المفردات المستخدمة في بناء النص....
كل هذا الإنضباط الدلالي بمعايير القبول الذهني للمعاني والالتزام بشروط التواصل الخطابي يدل على أن اسلوب النص هو تصويري ، وبنيته الدلالية توصيف شاسع للبنية العنوانية ، والدليل تكراره للجملة العنوانية في متن النص ( أنَّ كلَّ صليبٍ لايحملُ قضيةً هو أداةُ انتحارٍ)
واعتماد التكرار اللفظي لزيادة التأكيد ( وحيداً وحيداً) (باكرا.... باكرا) ( من دهر.... من دهر) إضافة إلى تعداد الكثير من الصفات /كئيبا. هازئا زهيدا . خائبا. عفيفا...... الخ لذات الحالة /التشرد الوجودي ، كلها جعلت النص متماسكا وبها استطاع الإمساك بذهن القاريء وشده اليه دون شرود
للوقوف على المنهج العقلي والفكر ي الذي اعتمده الكاتب في بناء هذه البنية الدلالية /تحتانية النص ساحاول تفكيك الإشارات النصية /المقامية المشفرة وكشف حضورها المستتر، وربطها بالمعاني الظاهرة /سطح النص لنخلص إلى الدور المنوط بها في تشكيل لغة النص / خطاب النص :
قصر : منزل حجري كبير لكن كلمة (سيادة) نفت عنه المعنى المعجمي / وأحالتنا إلى المعنى المقامي التخارجي وهو إشارة إلى خلية مجتمعية ليست صغيرة، بل كبيرة يمكن ان تكون عديد مواطنين /وطن فإذا وطن بلا سيادة // شعب منزوع القرار، لا سلطة له بدلالة المعنى الظاهر للمفردة تترجّل //تتنحى، أي منهوب [الحق]
الإشارة (النساء) : المتعارف عليه حب النساء للقصور وسعيهن إليها ولتملكها بشتى الوسائل وباستحضار المقاربة السابقة للقصر تكون المقاربة الدلالية للنساء هي مجموعة الدول التي اختارها الوطن (من له حق القيادة من مؤسسات وحكوماته واحزاب وووو.... الخ) مستنجدا كلمة (تطوف)، اختارها
وادخلها عقر جغرافيته ، فسلبته كل شيء ونحته جانبا بخبثها والقرينة / مرضعات يرشح الأسى من خوابي صدورهن / وهي مولدة للإشارة (موت)
الإشارة نص : بإحالتها خارجيا هي تكافيء قانون
وكلمة ( مثقوب) = مخروق
شتاء المعاني = تعدد التفاسير // ضياع.
وبتكثيف المقاربة : قانون مخروق +جنوح وضياع = سقوط الحق وهو المشار إليه أعلاه (كموت يمشي)، سقوط الحق الذي تؤكده الإشارة (سقط جدار الشمس) لاحقاً
ملك النحس : الكثير من الدول الدستور فيها ملكي وليس جمهوري ومن ضمنها دول عربية وهي المقصودة بدلالة (مرضعات) فهي عادة عربية العرف، كما أن لفظة ( رقعة) أكدت حصرية الهوية العربية : رقعة // منطقة
وباستحضار الدلالات السابقة جميعها نخلص إلى : وطن منزوع القرار من قبل دول خبيثة سلبته كل شيء بالحق وبالقانون المزيف الذي رسمته له واوهمته به.
وبقيت رؤياه ومخاوفه مهمشة دون اعتبار حتى من دول جمعته بها ذات القومية.
وحيداً..وحيداً..
وكلُّ الشوارعِ المفضيةِ إلى قلقكَ تزدحمُ بأقدامِ اليائسينَ والمتسولينَ والمنادينَ على بضائعَ كاسدةٍ....
- مائدة _ الهدوء //طاولة الحوارات _ لا نقاش
أطباق _ فارغة // حلول _ وهمية
عفيفاً..
فمائدةُ الهدوءِ لا تغري جوعَكَ بكثرةِ الأطباقِ الفارغةِ
التفكير صار معصية : الأطباق فارغة يعني لا رائحة لأي طعام وبالتالي اي رائحة ستكشفك وبالمقارنة مع المعنى الدلالي السابق للاطباق يكون لدينا الآتي :
آثمٍ فضحتهُ رائحةُ الذنوب // مفكر دل عليه الوعي الذي أحدثه... عندها سيعنَّف ويُلفظ خارجا، وخلاصة المقاربات تفيد سحل لابسط مقومات ( الأنسنة) وهي التفكير.
تزجركَ الدروبُ كآثمٍ فضحتهُ رائحةُ الذنوب.
بلغ الضياع الوجود :
ذبيحة ... بمعالقتها مع المائدة والاطباق والرائحة تكون هي المكافيء للوجبة
التسويف... بمعالقتها مع الهدوء و الفارغة والذنوب تكون هي المكافيء للنفاق
المعادلة النهائية... طاولة حوارات تمنع عليها النقاشات ، تقدم حلول وهمية وفي حال بلوغ شفير الاندثار (العطش المهتريء)، وعلا صراخ الحاجة (عوى ذئب الألم) تُقَدم وجبة //موجة النفاق والحيل والاكاذيب.
( تخافُ على ظلكَ إنْ سقطَ جدارُ الشمسِ ونكثَ الضياءُ بالوعد)
وهي الإشارة الأهم، المولودة للعتبة العنوانية كما أسلفت أعلاه / أنا إنسان ممسوخ بدلالة سقوط جدار الشمس
الإشارة شمس : بعيدا عن معناها العلمي هي تكافيء التنوير والوعي وسطوع الحق و أحقيته
الكاتب يخاطب القاريء من هذا الموقع وكأنه واقف على هذه العبارة وسط النص مبينا في النصف الأول ما هي حقيقة الواقع المر الذي نعيشه /كما سبق وتم توضيحيه، وان ما نحن عليه من حياة إنما هو مجرد وهم فالحقوق ساقطة منذ زمن فلا عدل ولا مساواة...
_ فوعيك أعشى (عورة الفكرة)
_ ويقينك بالخلاص؟! ، تابع الهدهدة له لا يجب (إغضابه) ليبقى يغط في سباته
_ إياك والعبث في واقعك هذا ... في مائدة الهدوء /المشار لها أعلاه ، بمطالب او حتى التفكير بها (بزيوان النوايا )، مطالب تُزيح بها الغشاوة ( قماط الغفلة) عن رؤيتك لحقوقك
_ هذا انت تاريخك يُثبت ذلك (جدران) حاصرتك ، حياتك عبارة محطات (لوحات) شقاء لا أكثر ولا أقل
*(مِنْ دهرٍ وأنتَ تُحيكُ لخيالكَ سراويلاً تسترُ بها عورةَ الفكرةِ..
ويدكَ على فمِ سؤالٍ مشاكسٍ يراهنُ على إغضابِ اليقينِ..
مِنْ دهرٍ وأنتَ على سريرِ الدِّعةِ مستغرقٌ في تنقيةِ حنطةِ طالعكَ من زيوانِ النوايا..
حتى زَنَتْ الحربُ بأهلكَ وأنتَ معصوبُ العينينِ بقماطِ الغفلةِ..
جدرانُ عُمرِكَ مَعارِضٌ للبؤسِ تُزيِّنُها لوحاتُ الحسراتِ...)
لا مبرر لك حتى وإن كان حبا او انتماء/كفرد، أو حبا وسيادة / كدولة... هنا تجدر الإشارة إلى نقطة جدا مهمة برع فيها الكاتب بتشكيل لغة الخطاب وهي هنا بهذا النص (ثورية) نوع من الانتفاضة على الظلم كما سبق و بينا وذلك من خلال اعتماد الكاتب على فضح الحال والواقع، محملا المسؤولية تقريبا الى كل البنى ذات السلطة كبيرة كانت أم صغيرة، داخلية كانت أم خارجية فالجهة القامعة داخليا هي مقموعة خارجيا وبالتالي انت لاتقم وزنا لحق فكيف تطالب به فنهجك في الحرية وإعطاء الحق لبيئتك الداخلية رقيق ( زجاج) فكيف تأمل الدعم من الخارج لك كوطن
الإشارة ذئاب : من المتعارف عليه أن الذئاب في الثقافة الإنسانية لا تحب القطعان وهي تتحين فرصة شتاتها لتنقض عليها وهي هنا تكافيء عديد الدول الطامعة بالوطن (سورية) إلا ان النصيب الأكبر او كما يقال (حصة الأسد) لزعيمها كبير الذئاب وهي الجهة الأكثر استفادة.... والإشارة كبير الذئاب هنا استخدمت بمرسلتين الاولى باتجاه الدولة الأكثر استفادة / المرضعة للأسى اعلاه/ سواء بمباركة رسمية منّا او لا... ، والثانية باتجاه الداخل والممسكين بمفاصل العيش والحياة ممن بيدهم السلطة / اسرية ، مجتمعية ، سياسية ، فكرية ، اقتصادية.... إلخ
والدليل : سيكسرون بابي فلا احد يقتحم دارك سوى من له سلطة عليك وهذه مظاهر تعودنا عليها في دولنا العربية بدءً من السلطة الأسرية /اقتحام الوالدين لغرف أولادهم، وانتهاءً بالسلطة الحاكمة ( سياسية، فكرية، مؤسساتية ، أمنية .... الخ) / اقتحام الانتماء، الوعي، المكاتب، المنازل... الخ
(باكراً سيكسرونَ بابي ويستدعوني للتحقيقِ أنا وكلّ مَنْ وردَ اسمهُ في هذا النص..
ستختفي أسماؤنا
وسيعثرونَ على كنيتي مرميةً على قارعةِ دفترِ العائلةِ..)
وهذه الإشارة خدمت المعنى المقامي الخارجي للنص فلو جمعنا المقاربات السابقة لوجدنا كيف ان المعنى الخارجي / المقامي مترابط ترابط متين اي يمكن القول ان النص مسبوك ليس فقط لغويا وإنما أيضا دلاليا متبعا بذلك نظاما إشاراتيا متوالدا /كتوالد النتيجة من السبب : قصر... نساء... مرضعات... مائدة فارغة .... ذبيحة تسويف.... ذئاب... حريق... حرش = عطش // طريق الموت
ماء // حياة
ماء مخاتل // حياة لا تدرك وهذا يقودنا إلى الإشارة حافلة الحريق : في العقد الاخير وضمن ما جرى من أحداث طغت على السطح مقولة شهيرة على لسان الشارع السوري تقول / القافلة تسير والكلاب تعوي / فعلى ما رأيناه (( أُختزلت )) القافلة بحافلة والكلاب بـ ذئاب....وضاع العواء بالعواء... الحابل بالنابل...... إلخ
قلنا النظام الإشاراتي الذي اتبعه الكاتب متوالد كتوالد النتيجة من السبب كما فصّلنا أعلاه وقد جاء المقطع الأخير من النص ليؤكد صراحة ذلك
توالد نتيجة من سبب...
_ الحافلة // سبب او مسبب على حد سواء (داخلي او خارجي.... سبق توضيح ذلك)
_ الأحزان، سائبا // النتيجة والتي بدورها ستكون اسبابا لنتائج أخرى وهكذا في توالد دائم
(ستنقلبُ حافلةُ الحريقِ
وتنجو النَّارُ بإعجوبةٍ
وستظلُّ وجوهنا تعتني بتربيةِ أحزانِها..
ونبقى حرشاً سائباً ينصبُ فخاخَ العطشِ للماءِ المخاتلِ يحرسهُ صبَّارٌ مشغولٌ بمناقشةِ قضايا الصبّرِ.)
آخراً : ما بين
الانا // الخطاب الظاهر والذي حددت معالمه المفردات التالية والتي انتقاها الكاتب بدقة متناهية... ساوردها بتسلسلها
كئيبا تترجل...
هازئا تمشي...
زهيدا
تطوف
تعود
وحيدا وحيدا
عفيفا...
تزجرك الدروب
دمعة
يرفون عطشك
عوى ذئب
تخاف
من دهر
ويدك على فم
من دهر...
حتى زنت
جدران
يوم صرخت
اني احبه...
كسروا
يا رجل اما ....... الخ فلو تابعنا على ذات الطريقة حتى نهاية النص سنرى كيف انها لوحدها شكلت النص (السطح)
والانت // المعنى التحتاني...
انتفاضة فضحت المفضوح وعرّت المخبوء.
تقديري واحترامي......... ميلو مشهور عبيد
تمنياتي لكم بالتوفيق... بوكت جهودكم والف شكر لتبني النشر والتوثيق... تقديري وجل اعتزازي
ردحذف