مذكرات " يوميات فاشل " / الشيخ مبروك المستجاب ./ للكاتب أحمد جبار الجوراني / العراق ..........

 مذكرات " يوميات فاشل "

الشيخ مبروك المستجاب .
نعم هكذا صار يسموني معتنقي دين الخرافة والجهل ، فشلت في الدراسة الأعدادية لأسباب تدهور حالتي المادية وقلة مواردي لاكمال الدراسة والاعتناء بأخوتي وأمي المريضة ، كما فشلت في ممارسة أغلب المهن ، وعدم تمكني من جني المال الكافي بصورة صحيحة .
ذات مرة وأنا أبحث في صناديق القمامة في منطقة سكنية لأستخراج الاجهزة والمواد المنزلية التالفة لغرض جمعها بكمية جيدة وبيعها لاحقاً لأحد محلات جمع الخردة والمواد المنزلية المستهلكة ، عثرت على كتاب يتحدث عن السحر والشعوذة ، كان يتحدث عن أميوليت Amulet التعويذة أو الحجاب وعرفه على إنه شيئ صغير له قوة حماية مرتديه ضد سوء الطالع ، ويوضع عادة حول العنق ، والأشياء التي تصنع منها التعاويذ هي أشياء يعتقد أن لها قدرات خاصة ، وتتضمن جزء من جسم إنسان ، أو حيوان ، أو جذورا ، أو بذورا ، أو أحجارا كريمة ، أو معادن ،
أو مسکوکات نقدية ، أو صورة تقريبية لرموزا دينية ، والأغلب أن تكون حجرا ، أو قطعة من معدن مع تخطيط مکتوب أو أشكال محفورة عليها .
أعلنت حينها أنتفاضة غير مسبوقة ولعنت الحظ التعيس والخرافات التي كنت أؤمن بها سابقاً تباً للفقر والفشل والحياة البائسة بعد الآن ، نعم أيها الفقراء البؤساء تعالوا ألي فعندي مفاتح السعادة وابواب غرف نوم زواجكم وارجاعكن لعش الزوج الاحمق ، أجمعوا لي حليب دوابكم وبيوض دواجنكم وأصواف وجلود انعامكم ، قدموا قرابينكم لشيخي الكبير ومعلمي ليحل مشاكلكم .
ايتها المتحيرة الشابة ، قضيتك تحتاج لجلب ثلاث ورقات نقدية ، وقطعة قماش بيضاء ، وغداً تأتين وقت مابعد صياح الديك الثاني ، لابد من ذلك ليعود لك عشيقك ويخطبك مجدداً .
نعم أيتها المطلقة صاحبة الكرش الكبيرة سترجعين لزوجك ، قدمي للشيخ المعلم دجاجة سوداء صغيرة بشرط انها في أول أيام وضع بيضها واربطي في رجلها خرقة قماش صغيرة مقطوعة من ملابس طليقك القديمة ، ومعها ذكر بط أبيض مشوي ، خذي هذه التعويذة وخبأيها تحت رماد الموقد عند حلول العصر ، أسمعي لا تفتحي التعويذة وتحل عليك لعنة معلمي .
نعم نعم ايها الشيخ المستجاب لا احلها وساضعها تحت رماد الموقد عند العصر أكيد اخاف من لعنتكم اسيادي .
نعم ستتزوجين لاحقاً بعشيقك ، أنه عالق عند الحدود حتماً سيعود للزواج منك ولاينكر تلك الليلة التي واقعك فيها وهرب مسافراً لجمع المال والزواج منك .
شكراً لك أيها الجليل المبروك ، انت شيخ مجرب مستجاب فقد رجع عشيق أختي لها بعدما أغتسلت بماء نقوع تعويذتك المباركة ، تفضل هديتي لك .
أحسنتي سيتقبل معلمي هذا الخاتم الجميل منك وهو راضي عنك .
مابك ايها الشاب أطمئن تجارتك ستكون بخير ، يقول معلمي تجارتك كاسدة مالم تدفع له نصف ثمن سيارتك ، لأعطيك تعويذة الرزق والجاه .
حسنا خذ هذا المبلغ وخذ هذه الساعة النادرة ، شكرا لك لمساعدتي .
صارت النساء تتوافد علي من كل حدب وصوب ، ومازالت الهدايا والعطايا تنهال علي لا عد لها ولا مد ، أنتقلت لمزرعة كبيرة ، ملأت بأشكال وانواع الماعز والاغنام والدواجن والطيور الجميلة .
كل هذا بسبب جهل الناس وتسويقهم بالمجان لخرافات كتاب وجدته في مزبلة ، جعلوا مني شيخاً ومبروكاً ومباركاً وناصراً ومنصوراً ومسدداً ومؤيداً ، قاموا بحمايتي في مواقف محرجة كثيرة والدفاع عني كولي صالح له كرامات ومنها تزويج المطلقة والعزباء والارملة الشابة ، والاخرى أنجبت بعد أن اجرت عملية رفع تكلسات وتليف ثم لبست حجابي بعد الاستحمام ، والتاجر الغبي ربحت تجارته بعدما أعطاني الاموال والهدايا وانفتاح السوق وارتفاع العرض والطلب بعد أزمة حدودية .
كل هذه الكرامات والهالة والتقديس والثروة حصلت عليها من خلال تعويذة حب الحنطة وملح جبال الجن البعيدة ومسكة تراب الجنة وخيط من قميص يوسف وكتابة نوتة موسيقية من نشيد داوود وسبع نملات بواكر من سبع بيوت في مملكة سليمان ، ومنهم من أبتسم الحظ بوجهه بعد ان لبس حجابي سنتين متتاليتين بامر من معلمي .
هكذا يحول من يحمل سلاح الجهل بعض الناس ، يحول الفاشل إلى ناجح ويقدسه ويألهه ويجعل منه قديساً وهو بالأصل أستعمل عقله قليلاً مستفيداً من تخلفهم وجهلهم المركب والتقليد والطاعة العمياء بلا شعور بالمسؤولية والعواقب الوخيمة والتراث الجاهلي المشوه .
العقلاء المنفتحين ذوي الخبرة والثقافة والأطلاع الدائم أسموني المشعوذ العجوز غريب الأطوار ، والطبقة الثانية جعلوا من مزرعتي مزاراً بأسم الشيخ مبروك المستجاب .
مقتبس من قصة " هذا لست أنا "
أنه خيال الذي يدعي أنا ..
الكاتب أحمد جبار الجوراني
Wahab Alsayd، طاهر جبار وشخصان آخران
٥ تعليقات
أعجبني
تعليق
مشاركة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لحن الحنين/ نص لينا ناصر / لبنان ..................

من رواد الآرت نوڤو: ألفونس موتشا/ مقال للناقد محمد خصيف / المغرب ,,,,,,,,,,,,,,,,,,

عن الوطن لا تكتبين - ندى عبد العزيز