علي البدر والتحليل النقدي لقصة "حصى كربلاء" للقاص العراقي هادي المياح/ العراق ,,,,,,,,,

 علي البدر والتحليل النقدي لقصة "حصى كربلاء" للقاص العراقي هادي المياح

1) التحليل النقدي:
يتركز السردُ على ضمير المتكلم "إستويتُ في صالة البيت...كنتُ حائرا....بدأتُ كتابتها..حتى أكون صريحا..." ، ويستمر السرد حتى النهاية "انني اتممتُ كتابة المستذئب ...".، وايضا مع تداخلات متفرقة لأسلوب الشخص الغائب،. ومن خلال السياق يتأكد لنا اكثر ان معاناتا سيطرت على حيز لاباس به من تفكيره، إن لم يكن مجمله. ومن اهم الأمور التي تشغل الأديب احيانا هي " آلية الخروج من حبكة مستعصية.. منذ فترة.". ولابأس من ابداء تعاطفنا مع ما يعانيه القاص من إرهاق خاصة وإن الثيمة theme مرتبطة باسطورة قديمة حول "المستذئب"werewolf ، وهى رجل يتحول الى ذئب في الليل عند اكتمال القمر ليرجع لوضعه في النهار عند بزوغ الشمس. وعندما يدخل السارد ضمن اسطورة معينة لابد ان يدخلها بابداع ليكون بمستوى الهالة التي تحيط بها. وعليه فقد انشغل حتى اعضاء اسرته مع بطلنا.
ويبدو ان الحل جاء من زوجته التي قدمت له ثلاث حصوات، ولم تخبره أنها قطع من الحلوى. ولو كانت على شكل لعب كالسيارة او الدراجة أو اشكال هندسية لما استغرب، لكنها وبذكاء حاولت اشغاله وابعاد ذهنه تماما عن نقطة التركيز التي يبحث لها عن الحل، ويبدو انها تحدته. وما دامت قصته تتعامل مع خرافة قديمة، ما المانع ان تحوك مزحتها بنفس السياق؟ طلبت منه أن يضع الحصوات الثلاث تحت لسانه لأن الكوكب "نبتون" الذي تزامنت حركته منذ بداية الشهر مع اقتراب الكوكب الاحمر من الارض مما جعله يؤثر على مخيلة الكثير من الكتاب ويوقف الهام الكتابة في هذه الفترة بالذات.."
ونلاحظ كيفية استغلال الزوجة لنقطة الاحراج لديه وهو إصراره على الخروج من مأزقه، لكن الزوج لم يقتنع وبدأ يلومها وهي الدكتورة التي تتعامل بالحقائق العلمية. ويبدو ان الزوجة قد أجادت دورها لدرجة اثارتها لغضبه عليها، ومعاتبتها حيث تداركت الموقف "إنها مجرد مزحة.. مزحة فقط! إن هذه الحصيات هي قطع من الحلوى.". وهنا يتحول الغضب الى ضحك امتص كل غضبه" غمرني شعور بالدهشة لما تمتلكه زوجتي من طرافة. ورحت اضحك.. واضحك.. حتى استلقيت من شدة الضحك.. لقد امتصّت هذه المزحة كل غضبي. فخطفتُ الحَصَيَات الثلاث من كفّها ، ووضعتها بفمي والتهمتها فوراً.. " ونلاحظ التهام الزوج لقطع الحلوى بعد انكشاف الحقيقة وافترقها عن الخرافة، وهذا شيء لايثير الاستغراب من عائلة مثقفة واعية لكننا لابد ان نستغرب من تلك القفلة التي تنهي السرد وبنفس الوقت تثير تساؤلًا، لتبدو خاتمة القصة بداية موقف بحاجة الى جواب لتفسيره" لكن الغريب في الأمر، أنني أتممت كتابة المستذئب، بعد ثلاث دقائق.!". ياترى هل التكملة التي شغلت القاص وعائلته جاءت صدفة ام ان تصرف الزوجة محسوبا للوصول الى النتيجة المطلوبة؟
هناك ظاهرة تسمى ظاهرة التأهب العقلي Mental alertness phenomenon معتمدة في الدراسات السايكولوجية التي تسهل عملية التذكر remembrance or recollection حيث اننا ننسى احيانا ونشعر ان الجواب نعرفه وعلينا تذكره ولدينا خبرة سابقة عنه، لكننا نعجز عن تذكره. وكثيرا ما نصادف شخصا نعرفه لكننا لا نتذكر اسمه وبعد فترة وعند انشغال الذهن بأمر اخر نرى الاسم يقفز من اللاشعور الى الشعور. وعليه فانني غالبا ما انصح طلابي وطالباتي بقراءة الاسئلة الامتحانية كلها وبهدوء حيث نَطمَئِن لقسم من الاسئلة ولانعرف الاخر. وعندما ننشغل بالحل للسؤال الذي نعرفه قد يقفز جواب السؤال الذي لا نعرفه. واعتقد هذا حاصل لمعظمنا. وعليه من اجل تسهيل عملية التذكر، لابد من تجاهله والانتقال لغيره وعدم التركيز عليه من اجل التذكر، بينما تكون النتيجة معاكسة وقد تثير الضجر والإحباط لأن الانفعال المصاحب للرغبة في التذكر يضعف القابلية ويتعبنا. وعند تطبيق هذا القانون على قطع الحلوى التي ابعدت الزوج عن ما يشغله، نراه قد تذكر وبصورة انسيابية لا ارادية. من هنا نقول بأن هذه الزوجة في منتهى الذكاء وما علينا الا ان نهنيء القاص هادي المياح عليها..
لقد وجدتُ ان القصة قد استوفت ميكانزم كتابة القصة القصيرة واستطاع القاص هادي المياح ان يشدنا ليجعلنا نشاركه في حيرته التي انتهت بحل العقدة التي بدت مستعصية، لكنه ترك للمتلقي تأويلها الذي قد يخطيء أو تصيب.
علي البدر/قاص وناقد ادبي وتشكيلي- العراق
2) ألقصة:
"حصى كربلاء"
القاص العراقي هادي المياح
استويت في صالة البيت وقد ارهقني التعب .. كنت حائراً في آلية الخروج من حبكة مستعصية، لقصة بدأت كتابتها منذ فترة، أسميتها "المستذئب" .. لم تخرج المستذئب للنور، رغم أني أنهيت قراءتها للمرة الثالثة.
تأزّمتُ ولازمني دوار مقيت. وتوقفت عن القراءة والكتابة، وعن التواصل مع الآخرين. شاركني همّي كل أفراد العائلة. لاحظت ذلك في تعابيرهم التي حملت تعاطفهم الكبير. واوحت لي اهتماماتهم ببوادر حلٍ قريب لهذه الأزمة.
حصل ذلك، حين اقتربت مني زوجتي، وكانت تحمل باحدى كفّيها ثلاث حَصَيَات صغيرات. لم ار مثلها في حياتي. ذات بريق يعكس على وجهها علامات التوسل والرجاء، والتردد. لكنّها لم تتأخر كثيرا، ناولتني الحَصَيَات على عجل وقالت: انها حصلت عليها من احدى الموظفات التي شاع عنها خبرتها في الفلك وقراءة الطالع!
وجدت الأمر غريبًا جدًا. ورحت اتطلع بالحصيات واحدة واحدة، اشكالها والوانها. كانت صغيرة ملونة بألوان خضراء وزرقاء وبيضاء.. وبينما انا اتفحّص الحصيات، واصلتْ هي حديثها عن الفوائد وطريقة الاستخدام لهذه الحَصَيَات،كما تقول الموظفة، علاقة بالكوكب "نبتون" الذي تزامنت حركته منذ بداية الشهر مع اقتراب الكوكب الأحمر من الأرض مما جعله يؤثر على مخيلة الكثير من الكتّاب، ويوقف الهام الكتابة في هذه الفترة بالذات.
وأكملتْ :
توضع هذه الحَصَيَات تحت اللسان لمدة ثلاث دقائق. بعدها مباشرة ستكتب ثلاث قصص!
-ثلاث قصص مرة واحدة؟ قلت ذلك بتهكم، وأعدت لها الحصيات واضعًا اياها بنفس الكف.
-نعم، ثلاث قصص مرة واحدة! هي أكدت ذلك . ردّت بثقة.
كان الأمر قد بدا أشبه بخرافة ساذجة. ولا يمكن تصديقه من قبلي الا اذا احرقتُ يومًا كل كتبي والغيت ثلاثة ارباع عقلي ومخيلتي…انزعجتُ وغضبتُ .. وقلت لزوجتي التي ما زالت تتوسل بي لإقناعي بوضع الحَصَيَات في مكانها الصحيح تحت لساني .
- حتى اكون صريحًا معك،كما عودتكِ، إنني الآن في حيرة من امري. لم اتوقع منك انت الطبيبة أن تصدّقي كل ّ هذا! دعيني الآن، أرجوك.. اتركيني قبل أن أُجن. كيف اقتنعت بأن هذه الحَصَيَات الثلاث ستغير حركة نبتون، او تبعده عن الكوكب الأحمر؟
أجابت:
- كيف لا ؟ وأنّ الموظفة أكدت صحة ذلك، وبانها من حصى كربلاء!
زادت اجابتها الاخيرة استغرابي، وكدتُ أهمل كل توسلاتها،واغادر. لولا أنها تمادت كثيرا في الحاحها.
ثم تعلقت بي وقد تغيرت ملامح وجهها، وبانت على جبينها سيماء ضحكة. وهمست بأذني:
-لا عليك يا زوجي..انها مجرد مزحة.. مزحة فقط! وأن هذه الحَصَيَات هي قطع من الحلوى!
غمرني شعور بالدهشة لما تمتلكه زوجتي من طرافة. ورحت اضحك.. واضحك.. حتى استلقيت من شدة الضحك.. لقد امتصّت هذه المزحة كل غضبي. فخطفتُ الحَصَيَات الثلاث من كفّها ، ووضعتها بفمي والتهمتها فوراً..
لكن الغريب في الأمر، أنني أتممت كتابة المستذئب، بعد ثلاث دقائق.!
قد تكون صورة لـ ‏‏‏٢‏ من الأشخاص، بما فيهم ‏هادي المياح‏‏ و‏نص مفاده '‏علي البدر والتحليل s النقدي لقصة حصى" "كربلاء للقاص هادي المياح и‏'‏‏
أياد خضير الشمري

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لحن الحنين/ نص لينا ناصر / لبنان ..................

من رواد الآرت نوڤو: ألفونس موتشا/ مقال للناقد محمد خصيف / المغرب ,,,,,,,,,,,,,,,,,,

رؤى .../ نص للكاتبة مها سلطان / مصر.............