هذا الكتاب / للناقد سيد جمعة / مصر ,,,,,,,,,,,
yed Jomha.
. *هذا الكتاب.....*
النقد... علم فى بحوثه؛ وجدان فى ممارسته؛ فلسفة فى تفسيراته؛ تاريخ فى سيرته؛ أدب فى معاملاته؛ أمانة فى توصيل شعلته للأجيال اللاحقة.
وهو الفن الأول بين شتى الفنون؛ وقد استطاع النقاد العرب أن ينعتوا سائر الفنون ؛ ويصفوها وصفا دقيقا؛ فجعلوه انعكاسا للفكر قبل أن يكون صورة للحس؛ وساعدهم على ذلك: وفرة المفردات اللغوية؛ وقوة الروابط العضوية؛ وبراعة الصياغة الأدبية.. كما ولدوا كلمات جديدة تواكب النصوص الأدبية التى عرضوا لنقدها؛ دونما خروج على روح النقد وقواعده وأصوله.
وقد حرص الفنان الناقد م.سيد جمعة على تعاطى صناعة النقد- على مدار خمسين عاما- فى صورة جيدة؛ تحول ما بينها وبين تداخلها مع المظاهر النقدية التى تقود ببعضهم إلى التلاعب بواقعية التأملات فى شتى الإبداعات... ذلك أنه يضع الحقائق النقدية فى إطارها الملائم؛ ويمنحها المقام الرفيع الذى يتناسب مع رفعة النفس الإنسانية؛ ويعنى بالحفاظ عليها مما يطرأ من علل تحول دون تفاعلها مع دورها اللائق والرائد فى الحياة الأدبية.
ومن جهة أخرى؛ فإن تنوع الأغراض النقدية فى النصوص السردية والشعرية؛ يضارع تنوع الأعشاب فى العلاج الواحد؛ فلكل مكوناته؛ ولكل مكون فائدته؛ فى مدارج العمل الذى يتناوله.
وتنبع أهمية العمل النقدى من تجاوز النقاد نطاق تخصصهم الذى برعوا فيه؛ وامتدت رؤاهم من حدود مهنتهم؛ وهى التشخيص الجيد لتأملات الأدباء والشعراء؛ إلى مداواة العلل التى مست وجدانهم وعواطفهم؛ بل اتسعت بصائرهم لترسى صرحا علميا متطورا؛ يضارع قلاع البيان والبلاغة التى يشيدها الشاعر والقصاص فى أعماله الإبداعية.
ومن هنا؛ تتداخل رسالة كل من الأديب أو الشاعر؛ والناقد الفنى... فالأول يشيد ويبدع؛ والثانى يجمل ويحسن ويشخص ويحلل.. الأول تحمل أعماله كل جينات الإبداع؛ والثانى يهبها بعضا من تفاؤلاته التى لا تفارق رؤاه.
والنصوص السردية أو الشعرية- التى تناولها الأديب الناقد الفنان م.سيد جمعة- غنية بالسمات التى تجعله يتألق فى الطرح الذى تناوله كتابه هذا؛ من حيث التدفقات الفكرية والتأملات الإبداعية؛ لكل مبدعى الكلمة والحرف فى هذا السفر الجامع والشامل لأدباء وشعراء مصريين وعرب؛ غاص كل منهم فى أعماق قصته وقصيدته؛ فسطر أحداثا إنسانية وليدة اللحظة؛ فى لغة سهلة؛ وحوار هادف؛ وإبداع سردى؛ وتسلسل فكرى؛ وعمل أدبى؛ وألفاظ ذات إيقاع بلاغى؛ فأبرز الناقد جل أعمالهم التى اتسمت بثراء لغوى؛ وعالجت الفكر السلبى بآخر إيجابى؛ وذلك بأسلوب حرفى مزج بين: الرؤى النقدية العميقة؛ والتطور الذى شهده النقد فى عصرنا المتجدد.
ومن يدقق فى تأملاته؛ يجده قد عايش أحداث المؤلفين الذين أورد لهم نماذج أدبية: نثرية وشعرية؛ وغاص معهم فى أعماق أعمالهم ونتاجهم؛ فتابع البناء القصصى والشعرى لكل منهم؛ وشخص البيئات المتباينة؛ ورصد تغيرات شرائح المجتمع المتنوعة؛ وما رافق ذلك من اتساق السرد والحوار مع الشخصيات؛ أو القدرة على التشخيص بلغة إبداعية؛ ومعالجة جيدة للأحداث؛ فى إطار جمل حوارية قوية؛ ومقاطع شعرية تمثل عنصر ربط وإضافة لمجريات الأحداث.
وقد أبدع مؤلف هذا الكتاب فى سرد حوارات داعمة لنقده؛ وجمل فكرية محكمة السياق؛ ومفرداث راقية ثرية التكوين؛ وحلق بنا- فى نقد أدبى رفيع- فى سماء الإبداع العربى؛ وذلك بما يمتلكه من: رؤية فكرية عميقة؛ وصياغة لغوية محكمة؛ واستشهادات تدلل على واقعية النقد؛ وكانت كلماته وفقراته كشفا للمشاعر والأحداث؛ وتجسيدا لما أورده الأدباء والشعراء؛ بلغوا به الذروة فى الرموز والدلالات؛ والحروف والكلمات؛ والتألق والإبداعات؛ التى هى أدوات رواد الشعر والأدب العربى.
وتميز هذا الكتاب؛ بأنه أورد- فى القسم الأول منه- اثنى عشر نصا أدبيا إبداعيا؛ تعكس: معايشة الحدث؛ براعة الاستهلال والسرد والبناء القصصى؛ تباين البيئات والسلوكيات؛ الثقافة والقيم كملامح للأجيال والأزمان؛ الثنائية الحوارية الشيقة؛ رصد الأعمال الفنية وصبغها بطابع تخصصى؛ تنوع الأساليب بين العامية والفصحى؛ البناء الداعم للرواية؛ التحدى وقوة الإرادة إلى جانب الرقة والطاقة المميزة للمرأة كعنصر إيجابى؛ التأثير التربوى والتعليمى والترفيهى للأمثال المتداولة كنتاج حضارى وثقافى موروث؛ الخروج من ذاتية الحدث إلى الحلول المجتمعية؛ وقيمة التسامح للحصول على السعادة.... كما أورد الكتاب- فى القسم الثانى منه- ثمانى قصائد تدور حول: الصياغة المرتبطة بالحداثة فى الأدب العربى؛ الشعر المنطلق بالألفاظ الجزلة والعمق الفكرى؛ الرؤى الفكرية المتدثرة برداء الكلمات والحروف المعبرة؛ القصيدة متعددة المقاطع والتى تتشكل من صور لأحداث تربط بين الماضى العتيق والأحداث الراهنة؛ الشعر الكاشف بمفاهيم متجددة عن الهوى والمشاعر والخصوصية والشغف؛ والصوت والحركة فى أداء انفعالى متزن ومتسق مع محتوى الصورة الشعرية؛ والتقاط همسات من بساتين المشاعر وأطيافها ودرجاتها.
وبهذا يدرك القارئ- من الوهلة الأولى لقراءة سطور هذا الكتاب- أن فيه فنا ممتعا؛ وعلما غزيرا؛ ولذا استغرق إعداده؛ وتنفيذه؛ وإخراجه؛ سنوات.. سواء فى جمع مادته أو فى تحقيقه على هذا النحو؛ كما احتاج قبل طرحه لفريق عمل فى النسخ والتدقيق؛ والى مراجعة من المتخصصين فى الأوساط الأدبية قبل طباعته... لاسيما وأن مؤلفه قد تميز بتذوقه الرفيع للأدب والشعر؛ والفنون بعامة؛ مما دفع محبيه لأن يصفونه بأنه: محب لكل أنواع الفنون؛ عاشق لصنوف الثقافات؛ مولع بوضع لمساته الرقيقة على أوتار الأعمال الأدبية- النثرية والشعرية- التى يجمع القراء على جودتها؛ وتلوين استخدامها؛ وتنويع أوتار العزف عليها؛ حتى صار يسهم بفعالية وتفرد فى المشهد الثقافى الراهن؛ بمداد مسيرة من العطاء النقدى الحافل؛ المتسم بالحيادية والواقعية؛ ووهب بروحه المرحة تألقا جماليا يلازم هذه الأعمال الإبداعية الرفيعة.
. *والله ولى التوفيق؛؛؛*
. *د. أسامة أمين جعفر*
*رئيس مجلس إدارة المجموعة المصرية للإعلام الحر*
تعليقات
إرسال تعليق