الوطن مدفن للأحلام ،وسجن يؤسر فيه ذوو الهمم العالية والنفوس السامية ، انموذجا الشاعر اللبناني " عبد الله بري "/ قراءة الفنان والناقد قاسم ماضي زغير / ديترويت / اميركا ,,,,,,,,,,,,

 الوطن مدفن للأحلام ،وسجن يؤسر فيه ذوو الهمم العالية والنفوس السامية ، انموذجا الشاعر اللبناني " عبد الله بري "

ما الفرق بين الشاعر والناظم في رأي القارئ والمتابع العربي ، وحتى تغوص في مفاهيم عديدة وتستخلص العبروالحكم ، فعليك أن تتابع ماهية هذين المصطلحين اللذين أنتجهما العقل العربي . فالشاعر العربي هو ليس من يجيد نظم القافية والوزن في منظومة، بل هو الذي يعرف جمال الحكمة وروعة البيان ودقة التصوير،تصوير المفردات قبل المحسوسات ، وحتى نضعكم بالصورة أكثر فنقول بل الشاعر هو الذي يعمل بين خافقيه الروح الخالدة، واليراع الساحر الذي ينطلق بالحكمة ويثير الشجن ويحرك العواطف .
أنا عدم في فضاء السواقي
يدور على عدم
يحتضنني ليل الذكريات الماضيات
ألملم معه بقايا العتمة ص52
يقول الكاتب " عبدالله الهميلي " كانت العلاقة بين الشعر والفلسفة حميمية منذ ما قبل التاريخ وبداية ووجود الحضارات ، ومنذ محاولة الإنسان تأويل ما حوله وتفسير وجوده ، والشعر في ماهيته هو تأويل للطبيعة والوجود ، ومحاولة محاكاتها ،جاء هوميريوس بالإلياذة والأوديسة ، فكان الديوان الشعري "دروب الموت " للشاعر اللبناني "عبدالله بري "هو الغوص في التفاصيل الكثير من هذه الحياة .حتى أخذ يتحاور مع الأشياء من حوله ، وأخذ يرسم مفرداته الشعرية في كل شيء يراه في حياته روحا ، باعتبار الشعر هو ذلك الانزياح اللغوي .
تحولَ الليلُ إلى كفن أسود
كيف أستريح ُ ؟كيف لا أبكي ص80
درس العربية والفرنسية والانكليزية ، ذلك الفتى اللبناني ، الذي تربى في بيت أدبي ،ولأن الأدب من حوائج البيت البري ، فظل في بلاد العم سام متشبث بالادب العربي ، فنرى الشاعر ينثر درره على صفحات المجلات والصحف المهجرية الواسعة الإنتشار.عانى طفولة صعبة ، ذاق فيها مر الفقر،وطعم اليتم ،اللذين شكلا حافزين لنبوغه وإبداعه ،تجده شاعرا متأملا حيث يتلذذ بمفرداته الشعرية ،ويبدو من قراءته المتعددة التي خاط منها نسقه الشعري الخاص به ، جعلته بعيد كل البعد عن نهج الشعراء الأوائل ممن نظموا مقلدين ككثير من الشعراء العامليين ، ويمكن أن يكون الأسلوب الشعري هو وليد البيئة الغربية التي احتك بها وتأثر بمظاهرها .وهو يفرق بين الشاعر والناظم .
أنا تائه في المدى كرجع الصدى
أمشي على ظلي ، والظل ُ يومئ لي ص23
عندما نخوض في عالم الشعر ،فعلينا الغوص في عمق المعنى كي نتوصل إلى مفاهيمه الفلسفية ونستخرج جواهره الثمينة ،فكيف ؟ إن أبحرنا مع هذا الشاعر " بري " الذي كتب العديد من قصائده بلغات متعددة،منطلقا من أن الأديب لم يزل يغني الفكر الإنساني بنتاج نفيس ، فعبر مجموعته الشعرية " دروب ُ الموت " يأسرنا شاعرنا "بري " من قصيدته الأولى إلى قصيدته الأخيرة دهشة وابهارا وتأملاً ، وهو وليد البيئة الغربية التي احتك بها وتأثر بمظاهرها .
منازل ُ القرية ِ تحولت إلى أكواخ
والحدائقُ عفى فوقها الخراب ص74
الشعر لا يتطابق إلا مع الأفكار اليقظة الشغوفة بالمجهول ،وحتى ينتج الشاعر قصائد له ذات مغزى فلسفي من خلال نضجه وفهمه لحركة الحياة وانفتاحه أساسا على الصيرورة ،فليس هناك منشعر إلا حيث يكون ثمة خلق وإبداع مطلق، فجاءت المجموعة الشعرية "دروب الموت "قبور وزهور للشاعر اللبناني " عبدالله بري " باللغتين العربية والانكليزية والصادرة من "دار الكتب " لعام 2004 وهي من القطع المتوسط وتقع في 91 صفحة ،
أنا في بيتي معلق على الحائط
مصلوب كالسيد المسيح
ص78
هذا الشاعر الذي زاوج بين الحضارتين العربية والأمريكية ، والذي أطلق عليه خريج جامعة المعاناة ، عميق كعتمة الليل ،موسوعي العطاء،أدبا ً وشعراً وفكراً وفلسفة ،إشتغل على نفسه كثيرا ليدخل فضاء الشعر والفلسفة ويُتقن معظم اللغات في مغتربه الأمريكي ليؤسس لحركة ثقافية إغترابية ثقافية حيث تولى رئيس تحرير لمجلة صوت العرب في ميشيغن ، ورئيس لتحرير جريدة البيان في واشنطن .
قاسم ماضي - ديترويت
قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏جلوس‏‏ و‏وقوف‏‏
ood و٤ أشخاص آخرين
٧ تعليقات
أعجبني
تعليق
مشاركة

٧ تعليقات

عرض تعليق واحد إضافي

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لحن الحنين/ نص لينا ناصر / لبنان ..................

من رواد الآرت نوڤو: ألفونس موتشا/ مقال للناقد محمد خصيف / المغرب ,,,,,,,,,,,,,,,,,,

رؤى .../ نص للكاتبة مها سلطان / مصر.............