دراسة نقدية
صحيفة فنون الثقافية العربية
وكالة اخبارية ثقافية واجتماعية
فنية وادبية شاملة
الاستاذ يوسف عبود جويعد
دراسة نقدية/ رواية عمتي زهاوي
دراستي النقدية لرواية عمتي زهاوي للروائي خضير فليح الزيدي المنشورة في جريدة الدستور ليوم4-4-2021
من هي العمة ؟! في ... عمتي زهاوي
دراسة نقدية يوسف عبود جويعد
في رواية (عمتي زهاوي) للروائي خضير فليح الزيدي، سنجد ما يمنحنا فرصة طيبة ، للخروج من الأطر الضيقة والمحدودة في العملية السردية، الى عالم أوسع وفضاء أكبر ،من خلال الإنفتاح الكبير الذي وفره الروائي للمساحة السردية، التي إبتعدت عن الشيئيات والمرئيات التي طالما نجدها ترافق الشخوص وتتابع وترصد تحركاتهم في دائرة مغلقة لايمكن تجاوزها،ويتم ذلك بعد مطالعتنا للتقريرين الذي وضعهما الروائي مستهلاً لهذه الرواية، واللذان يعتبران عتبة نصية موازية لمتن النص وكذلك هما منبع الفكرة المتخيلة ، والثيمة التي أتاحت للروائي للحصول على الأحداث، حيث يقول الروائي في هذا الشأن:
(التقريران الصحفيان كانا السبب في إلهامي نسيج حكاية الرواية، وليست لي علاقة مطلقاً بشخوص التقريرين المنشورين سوى ما يحقق التماثل بين ماحدث في لندن والعراق الخيالي .
وهكذا ترتبط أحداث هذا النص مع هذين التقريرين كون العمة بعد وفاتها وكما جاء في التقريرين، تناهبت ثروتها فئة من الطامعين والأفاقين والمتربصين خلف حادث موتها العرضي والغامض .
وهكذا ننطلق من هذا التمهيد الى أحداث هذا النص الروائي والذي سميت فصوله ، باب الجنة الأول،حسن العمة. باب الجنة الثاني ، حسن رضا غناوي . باب الجنة الثالث ، لميس الحموي / الحاج صبري . باب الجنة الرابع ، مكتبة الجنة ، وهذه الفصول ستكون مدعاة تساؤل وتأمل للقارئ لمعرفة ما حكاية الجنة داخل هذا النص ، لنكتشف بعدها ، أن العمة عراقية الجنسية مغتربة تعيش في لندن ، وتمتلك مؤسسة كبيرة وواسعة الانتشار، مهمتها تصميم وإنشاء المشاريع الكبيرة التي تكلف بها هذه، المؤسسة، ولها أعمال كبيرة وضخمة انجزت في العديد من دول العالم، وندور في تفاصيل هذه المؤسسة والشخصيات البارزة ضمن إدارة هذا الصرح الحيوي المهم ومن خلال هذه التفاصيل سوف نكتشف الثروة الكبيرة للعمة ، واعتمادها بشكل واضح بأهم الشخوص الذين معها داخل هذه المؤسسة ومنهم إبن أخيها الذي تبنته وعاش معها في لندن ودرس الهندسة من أجل أن يقف معها في المؤسسة والذي كنة بإسمها حسن العمة، وكذلك حسن غناوي وهو عنصر مهم في ادارة هذه المؤسسة ولميس الحموي،والحاج صبري ,يوهان وهو خبير أمريكي يعمل مع العمة وهي حذرة منه لما يحمل من دهاء ومحاولات لسحب نشاط هذه المؤسسة لخدمة الولايات المتحدة الامريكية ، بدليل أن يوهان جاءها بمشروع بناء سجن حديث في أمريكا ، الا أن العمة رفضت المشروع ، ووافقت على مشروع تصميم وإنشاء مبنى الجنة العراقية، بعد أن ورد إيميل قادم من شركة عراقية للمشروعات الاستراتيجية الكبرى بمباركة هيئة الاستثمار الوطنية:
" الى مؤسسة العمة :
ننتظر قرار مساهمتكم في واحدة من لمسات إبداعاتكم لتصميم جنة أرضية ذكية تضاهي بعظمتها تصاميمكم العالمية ، وتحاكي بعظمتها جنة الله. مؤسستكم هي مؤسسة كسر النمط والتخطي غير المألوف . علماً أن حكومتنا الموقرة خصصت أعلى ميزانية في تاريخ حكوماتها لهذا المشروع العملاق." ص 33
ومن هنا سوف نكتشف الخيوط النسيجية التي حيكت في بناء هذا النص، منها الخطاب الوطني البارز في ثنايا المبنى السردي، وسرديات الغربة وتأثيرها على المغترب عن الوطن ، ورموز ودلالات أخرى سنكتشفها تباعاً من خلال حركة العملية السردية التي خرجت من إطارها الضيق لتكون زاخرة بالاحداث الكبيرة التي تتعلق بعمل هذه المؤسسة وشؤونها وشجونها والادوات المهنية والعملية والعلمية والتقنيات الحديثة والتي تدخل ضمن هذا العمل، وهي عملية وصفية جديدة في التناول السردي،لكبر مساحتها وعمق معلوماتها.
وهكذا تنشغل العمة حد العزلة من أجل الحصول على تصاميم وأفكار تخص جنة الأرض في العراق، وتستطيع الحصول على مخططات تصميمية بعد طول انتظار وحلم يضع أمامها الخطوط العريضة لهذا التصميم ، وتدون هذه المخططات وتهيأتها ، الا أنها تصاب بجلطة لترقد بعدها في أحد مشافي أمريكا ، وبعد أن تسلم العمة المخططات لحسن العمة تفارق الحياة، ليتولى حسن العمة مهمة إدارة المؤسسة ، وننتقل الى التفاصيل التي تمهد للسفر الى بغداد ، ثم الى أرض صحراوية هيأت لهذا المشروع ، ويقوم الكادر بمهمة إعداد جنة الله في الارض، بتفاصيل علمية وضعها الروائي لهذه المهام، وبالرغم من تلك التفاصيل الكبيرة لم يغفل الروائي مهمته في متابعة شخوص الرواية وحياتهم وماضيهم وماحدث لهم ، لنكتشف أن الحاج صبري تزوج لميس وهو عاجز جنسياً ولا يلبي طلباتها، ويكتشف حسن غناوي هذا الامر، فيتعلق بحب لميس ويتزوجها في نهاية الاحداث، بينما يبقى حسن العمة يتابع العمل وهو في مقر المؤسسة في لندن، وتدور أحداث كبيرة منها موت الحاج صبري، والاعداد للهجوم على هذه الجنة من قوى اسلامية رافضة لهذا المشروع ، وأحداث صاخبة وكبيرة سيكتشفها القارئ عند متابعته لهذه الاحداث.
وهكذا تدور الاحداث ، وتتضح الرؤية الفنية وتتكامل الثيمات ، بعد اكتمال هذا الصرح، وكبر الصراعات التي حدثت من أجله بين رافض له وآخر مؤيد،لنكتشف ومن خلال السطور الاخيرة من هذه الرواية نكتشف ماذهب اليه الروائي وما يريد ايصاله:
( التعتيم الإعلامي بهذا الصدد. وليس بسبب هجوم تنظيم أهل الجنة كما جاء بإفادة حسن الجنة . أما أهل الجنة فلا وجود لهم مطلقاً، إنما " حدث الذي حدث" بسبب الخلافات الكبرى التي نشبت بين أطراف السلطات العراقية ولسبب واقعي حول هوية الأشخاص المرشحين ومكوناتهم العرقية والطائفية لإدارة المشروع . فيما العالم كله ينتظر حلحلة الخلافات المحلية للدخول السياحي إلى الجنة مستقبلاً) ص 316
وهكذا نكتشف أن جنة الله في الارض ، هو هذا الوطن المبتلاة إذا ما صفيت النفوس وتوحدت القلوب على حبه وخدمته ويعم الامن والامان ليكون مزاراً وحجيجاُ للزائرين.
رواية (عمتي زهاوي) للروائي خضير فليح الزيدي ، قدمت رؤية فنية لنسق فني روائي يعتمد على مساحة كبيرة من الاحداث وفضاء واسع .
من اصدارات مصر العربية للنشر والتوزيع 22 ب شارع الجمهورية - وسط البلد - عابدين - القاهرة لعام 2020للاستاذ يوسف عبود جويعد
تعليقات
إرسال تعليق